/B_rub>
الموت يختطف الأديب الفلسطيني الصديق عدنان كنفاني في العاصمة دمشق بعد رحلة حافلة بالعطاء، والإبداع.
توفي في دمشق التي ظل وفيا لها، ولم يغادرها رغم حجم المتآمرين، فلم يتركها لبلاد أخرى، وانبرى مدافعا عنها منذ اليوم الأول الذي تكشفت فيه المؤامرات على سوريا، وتدفق عشرات الالاف من الإرهابيين لتدميرها. ظل وفيا للعاصمة التي احتضنته بعد أن هاجر مع عائلته إليها كلاجئين بعد نكبة ١٩٤٨ في فلسطين وكان عمره ثماني سنوات.
تعرفت عليه منذ عشرين عاما، من خلال جيل التكنولوجيا الجديد، فكان بيننا جولات من الحوارات الأدبية، والسياسية، والثقافية.
عدنان كنفاني واحد من الكتاب الأوفياء الذين لم يمدحوا قمة الهرم في سلطة أو قيادة، حافظ على نقاء الكلمة، رفض اتفاقية العار التي وقعت في أوسلو، ولم يتلوث بها مثل عشرات من الكتاب الذين اغتنوا تحت خيمتها، فغادرنا وهو مكلل بالشموخ، والتحدي، وصدق الانتماء، وصفاء الكلمة، ونبل القلم الذي لم ينكسر حتى وهو على فراش المرض.
عدنان كنفاني طبت حيا، وطبت ميتا، ونعدك أن تظل ذكراك في قلوبنا ما دامت تنبض بالحب، والوفاء.
عز علينا فراقك أخي عدنان، لكنه الموت الذي يباغتنا دون استئدان، لروحك المجد، والسلام.
عندما أصدرت رواية (عناق الأصابع) عام ٢٠١٠ التي تتحدث عن واقع الأسرى في سجون العدو الصهيوني دفعت له بنسخة للاطلاع، وإبداء الرأي فجاءني رده كالتالي:
[(في معرض بحثي عن الرواية المقدسية، التي تتحدث عن القدس، تأريخاً وتوثيقاً، رائحةً وفضاء، حواري وذاكرة، أوابد وبشر.. رواية مقدسية، ليس من أجل تطلّع إقليمي ضيّق، بل لأنها القدس، المنارة التي تدلّ على فلسطين، كلّ فلسطين، ولأنها المستهدفة، كانت عبر غزوات متلاحقة من أممّ طامعة، وما زالت مستهدفة بضراوة أعنف لطمس معالمها، وشواهد انتماء الفلسطينيين إليها.
كانت المناسبة احتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية في حينه، بحثت كثيراً في بطون الكتب، ودهشت عندما لم أجد غير النذر اليسير جداً في روايات تناولت القدس في أحداثها وشخوصها ومعالمها، وكي أكون منصفاً أقول، بأن هناك روايات كثيرة تحدثت، عبوراً أو ملامسةً، عن القدس دون الدخول في صلب حِراكها.
في رواية (عناق الأصابع) للصديق الأديب عادل سالم، لمست جدران القدس التي أعرفها، شممت روائح أسواقها، وطربت على تلك اللكنة المقدسية المحببة التي شَدَتْ من وراء السطور.
وإذا خرجنا من إطار التقويم الفني الذي أتقن الصنع والبناء، وابتعدنا عن صفاء اللغة المتماسكة المتينة، وجانبنا تراكيب الصور الأخّاذة، وقفزنا عن رشاقة الحوار، لا بد أن نقف طويلاً أمام رهافة الحسّ، وأمام نبض العشق، وتلك العلاقة، التي تكاد تتماهى مع ألَقِها الفني كرواية تنتمي إلى جنس النثر، وكاتبها العاشق حتى نخاع العظم حتى وهو يتلوّى حزناً وقهراً، وحتى وهو يلامس ألم الأسير، وبرودة القضبان، وعيون الآسرين الشامتة، ليخلق من هذه المضادات العجيبة خشبة مسرحٍ فرش عليها القدس ونساءها ورجالها وفتيانها، ورشق فوقهم ملاءات حب وفداء، فلم يتحركوا وحدهم على أرض المسرح الحيّ، بل أخذونا كي نعاني من الحراك ذاته، وندخل إلى فضاء المشاهد، شخوصاً نتحدث دون أن نحمل بين أيدينا نصّاً مكتوباً، وكأننا نحن جميعاً مأسورين في الدائرة ذاتها.
أخي عادل سالم.. بحثتُ، فلم أجد مفردةً تعبّر عن سعادتي بروايتك، لكنني على يقين أن (عناق الأصابع) حفرت منحىً جديداً وحديثاً في مسار الرواية الفلسطينية الملتزمة والمقاومة، ودَخلت بقوّة إلى عمق معاناتنا الإنسانية، وأضاءت بشفافية على القدس وناسها الأسرى، وأرست فينا ذلك اليقين الذي لم يغبْ عن أحاسيسنا لحظة، بأن كلّ الغزاة الذين مرّوا على القدس، ذهبوا.. وبقيت القدس، وسيذهب الغزاة الجدد أيضاً.. وستبقى القدس.)]
عدنان محمد فايز كنفاني مواليد يافا عام 1940، درس هندسة الميكانيكا، لكنه اتجه نحو الأدب والكتابة الصحفية.
يحمل عدنان كنفاني عضوية اتحاد الكتّاب العرب، وعضو الاتحاد العام الكتّاب والصحفيين الفلسطينيين، وعضو المكتب التنفيذي للحملة الأهلية لاحتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية للعام 2009.
صدر له العديد من المؤلفات، هي:
– غسّان كنفاني، صفحات كانت مطويّة.. "سيرة" دار الشموس/ دمشق 1998.
– حين يصدأ السلاح.. قصص، دار الشموس/ 1999.
– قبور الغرباء.. قصص، دار اليازجي دمشق/ 2001.
– على هامش المزامير.. مجموعة قصص قصيرة (ومترجمة للإنكليزية) اليازجي 2001.
– بِدّو.. رواية "وهو اسم قرية فلسطينية تقع شمال غرب مدينة القدس" اليازجي/ 2002.
– أخاف أن يدركني الصباح.. قصص "عن اتحاد الكتاب العرب" 2001.
– مسرحيّة وطنية "مونودراما" بعنوان "شمّة زعوط" عرضت على مسارح سورية 2002.
– وتطير العصافير.. مجموعة قصصية، دار الطارق/ دمشق 2005.
– رابعة.. رواية، دار الطارق/ دمشق 2005.
– خدر الروح.. قصص 2006 "عن اتحاد الكتاب العرب".
– بئر الأرواح وقصص أخرى... "عن مؤسسة فلسطين للثقافة 2007".
– رؤى.. بروق.. أطياف.. قوس قزح. قصص مشاركة في مجموعات قصصية مع مجموعة قاّصين. دار اليازجي، واتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين/ دمشق.
– الجثة ودائرة الرمل (رواية).. عن دار الهادي، بيروت 2007.
– إيقاعات الذاكرة قصص 2008 اتحاد الكتاب العرب "جائزة د. نبيل طعمة للإبداع.
– معارج الإبداع "إعداد" 2009 الحملة الأهلية لاحتفالية القدس، مؤسسة فلسطين للثقافة.
– تحت الطبع: الحرية 313 (رواية).. الهالوك (قصص).. مجموعات قصصية، ومسرحيات وروايات وديوان شعر.
– يكتب أيضاً الشعر والمقالة والدراسة والبحث وينشر في الصحف والمجلاّت والدوريات المحليّة والعربية والأجنبية..
– مثّل الثقافة الفلسطينية في مهرجان دول حوض المتوسط في إيطاليا 2004.
– حاصل على جوائز على بعض أعماله الأدبية.
– شارك في مهرجان دعم الانتفاضة في طهران 2001.
– حائز على جائزة أفضل عمل إبداعي في مسابقة الخميني للإبداع في يوم القدس.
– شارك في مهرجان نصرة مقاومة الشعب الفلسطيني في إسبانيا 2005.
– عضو فخري في جمعية الفكر والأدب المعاصر، وفي جمعية كرمة بن هانئ، وفي ثلاثة من قصور الثقافة في القاهرة ـ مصر.
– كان ضيفاً في كثير من الندوات الإذاعية والتلفزيونية الأدبية في سورية ولبنان ومصر وتونس وليبيا والإمارات العربية المتحدة.
– كرمته جهات رسمية وخاصة على الكثير من أعماله الأدبية.
– جائزة وتكريم تجمع الأدباء الفلسطينيين العالمي للتميّز الإبداعي في القصّة.
– فائز بجائزة الدكتور المهندس نبيل طعمة للإبداع للعام
2008