/B_rub>
ظاهرة إقبال الكتّاب العرب على إنشاء مجلات ومواقع إلكترونية باتت ملفتة للنظر، وأثير جدل كبير حولها يتركز بين من يرى بأن النشر الإلكتروني قد يشكّل بديلا بالمستقبل للنشر الورقي، ومن لا يرى ذلك. في خضم هذا الجدل سيكون من الممتع والمفيد محاورة من يتقن فن جمع الحروف وتركيبها وفهم لغة العصر الرقمي. لذلك اختارت "حيفا لنا" أن تحاور الأديب عادل سالم، وهو أحد الرواد الذين ساهموا في تأسيس مواقع إلكترونية، فقد أسس موقع "فلسطين" عام ١٩٩٨، و"أحبك يا قدس" باللغة الإنجليزية عام 1999، وانتهى بموقع "ديوان العرب" عام ٢٠٠٢. أديبنا لطالما اعتبر نفسه جزءاً من الثقافة العربية والوطن العربي رغم غربته التي يأمل أن لا تطول، فلنبحر مع هذا الأديب الفلسطيني لمعرفة رأيه حول النشر الإلكتروني وتأثيره على الثقافة العربية.
[*- برأيك لم هذا الإقبال المتزايد من الكتّاب العرب على إنشاء مجلات ومواقع إلكترونية خاصة بهم؟ وهل استطاعت هذه المواقع أن تقدّم قيمة مضافة للحركة الثقافية؟*]
– هو أمر طبيعي ليس فيه ما يعيب، سببه الأساسي انعدام حرية الرأي في الحياة العامة، وقصور الجهات الثقافية الرسمية والشعبية في التعريف بهؤلاء الكتاب، وفتح المجال أمامهم في التعبير عن أنفسهم وعدم إشراكهم في العمل الثقافي.
هؤلاء الكتاب معظمهم الساحق من الشباب، والشباب أمل الأمة، وأعمدتها التي علينا أن نعرف كيف نهيئهم لتسلم الراية بعدنا.
لا أرى أية مشكلة في الموضوع، هناك مئات المواقع على الشبكة مثلا لكتاب أمريكيين، مع فارق في الهدف بين الاثنين. فالكتاب الأمريكيون يعرفون في مواقعهم على أنفسهم ويرشدونك كيف تشتري كتبهم، لكن مواقع كتابنا تنشر كل شيء مجانا للقارئ العربي لكن ليته يقرأ.
من الغبن أن ننكر دور هذه الجهود في العمل الثقافي، لكن من الخطأ أن نراها أكبر من حجمها الطبيعي، فلا زالت جهودا صغيرة ومبعثرة، وغير فاعلة، وتفتقد غالبتها إلى الزوار، تأثير هذه المواقع لا يقاس فقط بما تنشر ولكن بمدى جذبها للقراء للتأثير بهم، ولا زلنا نعاني من قلة القراء وضعف القراءة لدى جمهورنا العربي للأسف الشديد.
[*- هل ترى المواقع الإلكترونية قادرة على أن تشكل بديلا للنشر الورقي (صحف، مجلات، كتب) في المستقبل؟ أم هي منافسة وإغناء للمتاح!؟*]
حتى هذه اللحظة وضمن المدى المنظور القريب، لا لن تشكل هذه المواقع بديلا أو حتى موازيا للنشر الورقي، فهذه مسألة تحتاج إلى وقت أطول مما نتوقع.
عند الحديث عن المنافسة علينا أن نضع في حسابنا ما يلي:
أولا: هناك ملايين وليس عشرات الكتب القيمة الورقية والتي تعتبر مراجع مهمة في الأدب، والثقافة، والعلم، والفكر، لم يتم نقل أي منها إلى الشبكة، أو تحويلها إلى اسطوانات، ونقلها يحتاج إلى بلايين الدولارات، ولا يوجد سياسة عامة لدى أي من الدول العربية لمثل هذا العمل حتى هذه اللحظة. فكيف تكون الشبكة بديلا إذن. هي مكملة ليس إلا.
ثانيا: أغلبية المواطنين العرب لا زالوا لا يملكون أجهزة كمبيوتر وإن استطاعوا شراءه لا يستطيعون دفع قيمة الاشتراك الشهري للاستخدام الدائم للشبكة فيما الكتاب يمكنهم قراءته كل يوم متى أرادوا، يمكنهم استعارته من صديق، من المكتبة العامة الخ
علينا عدم تجاهل ظاهرة الفقر في العالم العربي، هناك أحياء بكاملها في بعض الدول العربية لا يوجد فيها خطوط للهاتف أصلا.
ثالثا: النشر الإلكتروني ليس فقط النشر على الشبكة، فهناك كتب تباع في الغرب على أقراص سي دي وهو غير متوفر عندنا لنفس الأسباب، ولسبب آخر هو إمكانية سرقته ونسخه، فلا يوجد عندنا ملكية فكرية، فإذا كانت أراضينا تسرق ومياهنا تنهب ولا ندافع عنها فكيف ندافع عن كلمة.
المسألة ليست منافسة كما أشرت ولكنها تطور في نمط الحياة، وهي مرحلة يجب أن نمر بها، فحتى في الجامعات الأمريكية لا زالت هناك كتب ورقية يدرسها الطلاب وهي الأساس.
[*
– أنشأت موقع "ديوان العرب" كموقع ثقافي مميز، هلا حدثتنا عن هذه التجربة، وهل تراها حقّقت المرجو منها؟*]
– تأسست ديوان العرب في شهر تموز (يوليو) عام ١٩٩٨، وأصدرت أول موقع ألكتروني لها في أيلول (سبتمبر) عام ١٩٩٨ باسم فلسطين وكانت فلسطين مجلة ثقافية فكرية أدبية ، هكذا تشهد أعدادها الأولى، ولكن طبيعة الأحداث السياسية، واسم فلسطين، جعلها تتحول تدريجيا إلى مجلة سياسية أكثر منها أدبية فتم إنشاء موقع ديوان العرب، وترك فلسطين للسياسيين.
ديوان العرب، أكبر من موقع ألكتروني وأبعد من مجرد مجلة ثقافية، أدبية، فكرية. إنها حلم المثقفين العرب في زمن نكون فيه في طليعة حاملي شعلة الفكر، والعلم، والأدب، والثقافة لننير لأجيالنا القادمة طريقها الممتد طويلاً في أفق الزمان. بعد هذه السنوات الطويلة، استطعنا أن نضع أقدامنا في بداية الطريق، ولكن أحلامنا كبيرة، وأهدافنا واسعة، لذلك نقول لا زلنا بحاجة لجهود أكبر لمتابعة المشوار.
[*- توجه اتهامات لبعض المواقع الإلكترونية بأنها تنشر كل ما يصلها، وأنها لا تراعي المهنية لأنها تقوم على جهود فردية ما رأيكم؟*]
هذه اتهامات صحيحة، لأن معظم المشرفين على هذه المواقع غير متخصصين، إضافة إلى أن معظم ما يكتب على الشبكة يكتبه شباب لغتهم العربية ركيكة، وغير مستعدين لتصحيح أخطائهم حتى الطباعية، ويتركون للناشر أن يصححها لهم، ولأن تصحيح هذا الكم من الأخطاء غير ممكن في مواقع لا تملك متفرغين لتصحيحها لذلك تنشر كما هي بأخطائها .
رغم ما لهذه الطريقة من سلبيات فلا نستطيع أن نتجاهل أن السبب الرئيسي لذلك ليس نشر هذه النصوص ولكن سياسة التعليم الخاطئة في المدارس والجامعات التي تعلم الطالب درس القواعد مثلا ولا تعلمه تطبيقه كل دروسه ومشاريعه، فمدرس الرياضيات لا يهمه إن أخطأ الطالب في القواعد، وكذلك مدرس الأحياء، الخ لهذا يبقى استخدام القواعد حكرا على درس القواعد فقط.
على كتابنا تحديدا أن يطوروا لغتهم، وأساليبهم، فهناك كتاب نصوصهم جيدة لكن لغتهم ركيكة وإلمامهم في قواعد اللغة ضعيف، ولكنهم للأسف لا يعملون على تطوير أنفسهم، فترى نفس الأخطاء بعد سنة أو أكثر.
[*- في ظل انتشار ما بات يعرف بالمدونات والتي يستطيع أيُّ كان أن ينشأ واحدة منها، حيث وبحسب الإحصاءات في مصر، ارتفع عدد المدونات الشخصية التي يستطيع أي شخص نشر كل ما يخطر بباله من خلالها، لما يزيد على عشرة آلاف مدونة خلال فترة بسيطة، ما رأيك في انتشار هذه الظاهرة؟ كيف تنظر إلى تأثير المدونات على مصداقية النشر في المواقع الإلكترونية؟*]
– لتكن عشرين ألف أو حتى مليون، لا مشكلة، المدونات ليست مراجع حتى نناقش مصداقيتها، وليست مجلات، أو كتب، هي مواقع يعبر فيها أصحابها عن آرائهم، وينشرون ما يرونهم الأفضل، وكثرتها تعبير على انعدام حرية الرأي في المجتمع. ليس كل ما ينشر على الشبكة يجب تصديقه، هناك أكاذيب، وتلفيقات، وكلام فارغ، وما شابه سواء نشر في المدونات أو المواقع، وحتى المجلات والصحف الورقية فيها أكاذيب، أليست زوايا جرب حظك والأبراج كلام فارغ وأكاذيب يضحكون بها على الناس. وماذا عن التمجيد بفلان وعلان؟
ليس مطلوبا من هذه المدونات أن تكون بديلا لأحد وهي على كل حال قليلة التأثير وروادها نسبة بسيطة جدا.
[*- هل تعتقد بأن الكتاب الإلكتروني يستطيع سحب البساط من تحت الكتاب الورقي في ظل العصر الرقمي؟ ولماذا! ما هي المسوّغات؟*]
– الجواب على السؤال الثاني يجيب على هذا السؤال، حتى الآن لا يوجد مؤشرات في العالم العربي تقول أن الكتاب الألكتروني سيكون بديلا عن الورقي. لكن من يدري ربما في المستقبل الذي لن نعيشه تصبح كذلك، فقد يخترع غدا أحد المهندسين جهازا في حجم الكتاب يكون فقط لعرض الكتاب يمكن للمواطن مثلا أن يحمله معه بدون ربطه بالطاقة الكهربائية ويقلب صفحاته ليقرأها في أي مكان يكون. لكن يبقى السؤال الأهم من يمكنه تحويل ملايين الكتب القيمة إلى الكتب الإلكترونية؟؟
[*- يقف الكثير من أصحاب دور النشر العربية موقفا معارضا من النشر الإلكتروني للكتاب، هل باعتقادك أن النشر الإلكتروني منافس اقتصادياً؟*]
– لا، حتى هذه اللحظة فإن الكتاب الإلكتروني منافس غير قوي للكتاب الورقي، فيكفي أن يصيب القرص الصلب بعض الخدوش ليصبح غير صالح للاستخدام، ثم إن انتشار أجهزة الكمبيوتر في البيوت في الدول العربية لا زالت ضعيفة، هناك ملايين العائلات في الدول العربية لا تملك ثمن جهاز الكمبيوتر، واستخدام الكتاب لا زال أهلا للقراءة خصوصا في السفر، أو أثناء الجلوس في غرفة الجلوس الخ.
أصحاب دور النشر العربية عليهم أن يطوروا أدوات إنتاجهم بحيث يصبحون قادرين على نشر الكتاب ورقيا، وإلكترونيا حسب حاجة السوق. لا تنسي يا نادية أن الكتاب الإلكتروني قرصنته سهلة في دول ليس لديها قوانين تحمي الملكية الفكرية، وإن وجدت تلك القوانين فلا يوجد من يطبقها.
[*- يوجه كثير من الكتّاب "الورقيين" انتقادات حادة إلى كتاب "الإنترنت"، ويصل بعضهم حدَّ عدم اعترافه بإطلاق صفة "كاتب" لمن ليس لديه منشورات ورقية ما رأيك حول هذه المسألة؟*]
– بداية ليس هناك كتاب ورقيين وآخرين شبكيين، هناك كتاب، وغير كتاب بغض النظر عن الأداة التي يستخدمونها في الوصول إلى القارئ.
[(الكتاب الذين يقدمون للقارئ إبداعا حقيقيا، بلغة قوية هم الباقون، والبقية سوف يندثرون تماما مثل المطربين الذين يملأون الفضائيات العربية كل عام بعضهم يبقى وآخرون يصبحون في عالم النسيان.
مشكلة الكثير من الكتاب أنهم لا يعملون على تطوير لغتهم، وأدواتهم، ومفرداتهم، وهم يظهرون بشكل واسع عبر الشبكة لأنهم يجدون مجالا لنشر ما يكتبون، في حين لا يتاح لهم ذلك عبر الصحف الورقية.)]
الكاتب ليس شرطا أن تكون كتبه مطبوعة ورقيا، ولكن من غير المألوف أن تجد كاتبا مبدعا دون مؤلفات ذات قيمة أدبية، أو فكرية، وليس مجرد صف كلمات.
[*- موقعكم من المواقع التي تنظم مسابقات سنوية، هل وجدتم في هذه التجربة مساحات مضيئة؟ ثمَّ ألا تعتقدون أن مثل هذه المناشط تحتاج تبني مؤسسي لها؟*]
– لعل أهم ما قمنا به هو المسابقات التي أجريناها لجيل الشباب، لأنها كانت تجربة جديدة وفي مكانها المناسب، جيل الشباب بحاجة إلى فرص كثيرة، فهم جيل يواجه الكثير من العقبات، وفسح المجال لهم وتشجيعهم لا يكون بإقامة مسابقات عامة يتنافسون فيها مع الكبار، فقد يشعرون بالإحباط، وقد يشعرون أن فوزهم غير ممكن فيعزفون عن المشاركة، لكن عندما يتنافسون وحدهم فإن مشاركتهم تكون أفضل. سنستمر بها ونعمل على تطويرها في المستقبل لتضم فروعا أدبية وفكرية جديدة.
صحيح هذه النشاطات بحاجة إلى جهود مؤسسات أخرى، ونتطلع إلى تعاون مع الآخرين في هذا المجال ولا مانع لدينا بتاتا.
وهي تحتاج إلى دعم مالي من قبل الميسورين العرب لخدمة هذا الهدف. الأغنياء العرب لا يخدمون الثقافة بشيء، مع أن بإمكانهم أن يخدموا الحركة الثقافية ولو بمبالغ بسيطة يقدمونها إلى المؤسسات الثقافية.
– كيف تنظرون إلى وجود ذات المادة المنشورة متكررة في أكثر من موقع ثقافي؟! وهل هناك من علاقات تعاون بين هذه المواقع ، في موقعكم مثلاً!
– هذه نقطة تستحق النقاش، فكثيرا ما أرى بعض المواقع يكتب بأن شرط نشر المادة هو أن لا تكون منشورة في مواقع أخرى. مع أنه سهل نقلها ونشرها دون رقيب أو حسيب.
أتفهم هذا الكلام عندما يكون النص مدفوع الأجر، أو أن الكاتب يعمل موظفا في الجريدة ويكتب خصيصا لها. لكن كيف نطلب من الكاتب أن ينشر في موقع معين فقط وعدم نشره في موقع آخر وهو لا يتقاضى مقابل ما يكتبه عائدا ماديا.
في المقابل فهناك فعلا مقالات أراها منشورة في عشرات المواقع حتى أمل رؤيتها.
نحن نرى في ديوان العرب، لا مشكلة لدينا في وجود النص منشورا في أكثر من موقع، فلا نشترط على الكاتب ما ليس لنا به حق.
فالقارئ أصلا لا يقرأ كل المواقع. وهذا حق للكاتب ما دمنا لا ندفع له بدل نشر النص عندنا. لكني أرى في نفس الوقت أن نشر النص في عشرات المواقع ظاهرة غير حميدة بحيث لا يصبح للموقع شكلة الخاص ونكهته الخاصة، ولهذا نحاول أن نمسك العصا من الوسط، المقالات التي نشعر أنها نشرت هنا وهناك بكثرة نترك للنصوص الأخرى الوقت لنشرها.
وهنا يقع على عاتق الكاتب أن يقتنع بعدم جدوى إرسال المقال لعشرات المواقع لنشره.
[*- هل تتوقعون لاتحادات كتّاب الانترنت مثلاً تجربة أفضل حالاً من الاتحادات العربية الأخرى؟*]
– هذا يتوقف على أهدافهم وعملهم، لكني لا أشعر بارتياح إلى تقسيم الكتاب إلى كتاب إنترنت وغيره، وهذا أول مأخذ لي شخصيا عليهم، إضافة إلى ذلك لاحظت أعضاء كثيرين في صفوفهم لغتهم العربية ركيكة ومقالاتهم ضعيفة، المشكلة التي لاحظتها بعد الإعلان عن هذا الاتحاد هي :
وجود كتاب أعضاء في الاتحاد الجديد وأعضاء في اتحاد آخر، وكأنها مجرد زيادة عضوية فخرية.
ثانيا: وجود بعض المقالات التي تتحدث عن التحرر من الاتحادات الأخرى التي كان يهيمن عليها كما جاء في المقالات الكتاب الكبار الخ، وكأن المسألة مجرد أمور شخصية.
لقد بتنا الان بحاجة إلى تجمع للمبدعين وليس للكتاب
[*- تكتبون القصيدة والقصة، أين يجد عادل سالم نفسه أكثر نشاطاً واقتراباً؟*]
[(- لا زلت أبحر في محيط الأدب واللغة أجمع الصدفات من قاع البحر، وأتمتع بألوان سمكاته الزاهية، وعندما أعود إلى الشاطئ بعد هذه الرحلة الطويلة سأكون في وضع أضع النقاط على الحروف.)]
– هل أنتم راضون عن مجمل النشاط الثقافي العربي والفلسطيني تحديداً ؟ برأيكم ما هي المعيقات وإن كانت معلومة لماذا هذه اللامبالاة في إزاحتها!
– طبعا لا فنحن أمام جبال من التخلف الفكري، والثقافي، والتعلمي، والتكنولوجي ...
المعوقات كثيرة، تتحمل فيها الجهات المسؤولة قسمها الأكبر مثل التخلف التعليمي، والأمية، وضعف القراءة، وقلة المكتبات العامة، كفاءة المدرسين، [*وهناك المؤسسات الثقافية غير الحكومية التي يهمها كيف تقبض من مؤسسات غربية فتوجه معظم نشاطاتها لما يخدم تلك المؤسسات، ويلبي شروطها، وهناك الأسرة التي لا تعلم أبناءها، وهناك الفرد نفسه الذي يساهم في تطوير ثقافته وتعليمه، فيقضي معظم أوقات فراغه في اللعب، والثرثرات الفارغة.*]
لعل أبرز ما تعانيه الحركة الثقافية العربية والفلسطينية لا تختلف عنها هو هيمنة السياسيون على النشاط الثقافي.
عندما تبتعد الأحزاب السياسية سواء الحاكمة أو غير الحاكمة عن الحركة الثقافية ويترك للمثقفين قيادة العمل الثقافي باستقلالية تامة سيكون للحركة الثقافية آفاق أفضل للتطور والنهوض.
– هل وصلت المواقع العربية إلى مستوىً تقني وإبداعي يمكن به أن تخوض منافسة مع المواقع العالمية؟
– أولا في مواقع النت لا يوجد اصطلاح موقع عالمي وموقع غير عالمي، من أين هذه الاصطلاحات يا نادية، كل موقع يمكن لمن أراد أن يدخل إليه ويقرأه.
أما حول قصدك بالمستوى الفني والتقني العالي، فهذه مسألة سهلة طبعا يمكن لأي موقع أن يستغل هذه التقنيات الحديثة والبرمجة العالية ولكن هذا مكلف كثيرا ويحتاج لمبرجين متخصصين ومشرفين فنيين دائمين فمن كان يملك المال يستطيع التطوير بسهولة. لكن من يحتاج إلى التطوير؟
ادخلي إلى موقع السي إن إن مثلا سترينه موقعا عاديا لأنه يعتمد على قاعدة تخزين البيانات وليس على نشر الصور لذلك فالتصميم عالي التقنية يجب أن يكون للمواقع التي تحتاج لذلك خصوصا التي تعتمد على نشر الصور مثلا والأفلام، ولذا تجدين أكثر هذه المواقع جودة هي المواقع الإباحية (الجنسية)، وهذه حقيقة باعتراف مدرسنا الجامعي المتخصص بالبرمجة عندما كنت في الكلية.
[*- أيها في رأيكم أوجب للترجمة، مواقع الأخبار والسياسات أم المواقع الثقافية؟!*]
– طبعا المواقع الثقافية، لها الأولوية، ولكن مشكلتنا ليست فقط في الترجمة وإنما في إيصال الترجمة إلى القارئ غير العربي
[*- هل ترون المواقع الثقافية العربية قد أنجزت على مستوى التواصل بين المشرق والمغرب ما عجزت عنه كثير من الوسائل والمؤسسات العتيقة؟!*]
[(- هو نفس السؤال الذي يسأله المحاور العربي، ويركز عليه دون سبب، فنحن دائما نسأل عن التواصل بين المشرق، والمغرب، لماذا؟ ماذا عن التواصل بين المشرق، والمشرق، بين العرب والصين؟ بين العرب والهند؟ بين العرب والكوريتين؟ بين العرب واليابان؟ لماذا دائما نحن معنييون فقط بما يقوله الغرب عنا وننسى بقية العالم، هم يريدوننا هكذا أن ننشغل بهم بينما هم يهيمنون على العالم.)]
أمريكا لديها عشرات الشركات في الصين، لديها تجارة مع الصين، تدرس الصيني بجامعاتها، تبني مع الصين علاقة تجارية وثقافية، فماذا فعلنا لا شيء سوى الانشغال بالحوار بين الشرق، والغرب.
أتمنى من جامعة الدول العربية، والمشرفين على الشأن الثقافي العربي أن يضعوا خططا تطوير الثقافة عندنا بحيث لا تعتمد فقط على التواصل مع الغرب، ولكن التواصل مع الجميع.
المواقع العربية على النت لا زالت حديثة ولا تستطيع أن تحل مشاكل عالقة بين الثقافات بمجرد ظهورها، علينا أن لا نحمل مواقع شبكية مهمات أكبر من حجمها.
فجائزة عالمية مثل جائزة نوبل أفضل من ألف موقع على الشبكة، ماذا لو أقام العرب جائزة مماثلة عربية على المستوى العالمي تعتمد الكفاءة العلمية والأدبية، لتكون جسر حضارة عربية إلى الجميع.
نحن يا نادية بحاجة لنلتفت إلى جيراننا قبل أن نطير إلى أمريكا، بحاجة للحوار مع من يعيشون معنا ونشترك معهم في نفس الوطن، من الأكراد، والأمازيغ، وأهالي جنوب السودان، بحاجة إلى حوار بين الشيعة والسنة، بين المسلمين والمسيحيين في الدول العربية، كيف ننجح بحوار الغرب ونحن نفشل في حوار جيراننا الأتراك الأقرب والذين تربطنا بهم علاقات تاريخية ودينية، كيف ننجح في حوار الغرب ونحن نفشل في حوار الأفارقة جيراننا، وغيرهم وغيرهم.
[*- كلمة تودون توجيهها لقرآء "حيفا لنا"؟ *]
– حتى تكون أمتنا الأولى في العلم، والمعرفة، والثقافة، والتكنولوجيا، والبناء والعمران، والخدمات الاجتماعية، والصحية لأبنائها، علينا مواصلة العمل بهمة الشباب وجهودهم للنهوض بأوضاع شعوبنا وأمتنا، كل في مكانه، لنتعاون مع الجميع، دون حساسيات بعيدا عن التعصب، بقلوب عامرة بالمحبة، والإيمان، منفتحين على الجميع، نحب الآخرين كما نحن أنفسنا.
مستقبل الأمة هو مستقبل أطفالنا، مستقبل هويتنا، تاريخنا الحاضر، فلنعمل جميعا على أن نصل به إلى بر الأمان
"نحن يا نادية بحاجة لنلتفت إلى جيراننا قبل أن نطير إلى أمريكا، بحاجة للحوار مع من يعيشون معنا ونشترك معهم في نفس الوطن، من الأكراد، والأمازيغ، وأهالي جنوب السودان، بحاجة إلى حوار بين الشيعة والسنة، بين المسلمين والمسيحيين في الدول العربية، كيف ننجح بحوار الغرب ونحن نفشل في حوار جيراننا الأتراك الأقرب والذين تربطنا بهم علاقات تاريخية ودينية، كيف ننجح في حوار الغرب ونحن نفشل في حوار الأفارقة جيراننا، وغيرهم وغيرهم."
كفيت و وفيت يا أخ سالم