/B_rub>
شهادة دكتوراة لكل منكم
عادل سالم، ٢٥ تشرين أول أكتوبر ٢٠١٧
قررت اليوم ٢٥ تشرين أول أكتوبر ٢٠١٧ أن أمنح كل أصدقائي في الفيسبوك بما فيهم الذين لم ينهوا المدرسة شهادة الدكتوراة، وبذلك يستطيع كل منكم أن يكتب قبل اسمه لقب (الدكتور)، وهذا إقرار مني بذلك فعلقوه أينما شئتم، واعزفوا الموسيقى لذلك الحدث العظيم.
قررت ذلك نكاية بالجمعيات، واللجان الوهمية التي يقوم الأميون في العلم والثقافة بالإشراف عليها، وفبركتها عبر الفيسبوك (وما أكثرها هذه الأيام)، كل منهم يحاول أن يسبق الآخرين في عدد الشهادات الممنوحة، فسبقتهم كلهم 😂😂😂.
كل يوم يخرج علينا أسماء لجميعيات وهمية طبعا تمنح شهادات دكتوراة لفلان، وعلان، وفلانة، وعلانة، وينشرون أسماءهم، وتوقيعاتهم (أقصد المشرفين) على الشهادات (لزوم الدعاية)، كي يوهموا القراء المساكين بأنها جمعيات أكاديمية يعتد بها مع أن المشرفين عليها، أقرب إلى الأمية في عالم الأدب، والثقافة. وأحد تلك الجميعيات أعرفه من سبعينيات القرن العشرين جاسوسا صهيونيا، تم التحقيق معه في سجن (كفار يونا) في فلسطين المحتلة.
الشيء المؤسف جدا جدا بل ويؤدي للاستغراب، أن الذين تمنح لهم هذه الشهادات، يختالون فرحا كأنهم فعلا حصلوا على شهادة دكتوراة فعلية لجهودهم العلمية، فينشرونها لنا عبر الفيسبوك، ويرسلون الخبر لمواقع النشر التي تنشر ما هب ودب فرحين بهذا الإنجاز العلمي العظيم (تكبير)، وتبدأ التهاني، والتبريكات (سبحان الله)، فيقرر بعض من يحمل تلك الشهادات (المزيفة) أنه أصبح (دكتور)، ويبدأ يكتب قبل اسمه لقب دكتور، ويريد منا أن نناديه بدكتور فلان، ودكتورة فلانة؟!
إحدى تلك الجمعيات تدعي أنها سورية، وقد سألت عنها العديد من كبار كتاب الشام، وصغارها فلم يعرف أحد عنها شيئا، ولم يسمع بها. وعندما كنت ألفت نظر هؤلاء الناس إلى ذلك، وأن الشهادات العلمية يمنحها لجان أكاديمية متخصصة لها باع في العلم، والثقافة في جامعاتها، وليس في عالم الفيسبوك كانوا يتجاهلون رسائلي، ويمتعضون منها، وبعضهم يحذفها كي لا أنغص عليه فرحته.
أنا فعلا حزين لهؤلاء الناس الذين يتوهمون أن الدرجة العلمية يمكن أن يقررها شخص لا علاقة له بعالم الأدب، والثقافة. مسيئا إلى الذين أمضوا سنوات من الدراسة، والبحث كي يصلوها.
شهادات هؤلاء شبيهة بدكتوراة الملك سلمان، ملك الاستخراء العالمي، فإن كان الملك سلمان يحمل لقب (دكتور)، فلماذا لا يحق لهم؟؟
لكن إذا كان منح لقب (دكتور) من شخص يطل علينا من الفيسبوك، يجعل من صاحب اللقب دكتورا، فماذا نقول للدكتور فاروق مواسي مثلا؟ أو الدكتور أحمد زياد محبك، أو الدكتور أحمد الخميسي، أو الدكتور صلاح السروي، أو الدكتور العلامة إلياس عطا الله، أو الدكتور مصطفى يعلى، (وكلهم رموز في عالم الأدب، واللغة، والنقد الأدبي)؟؟ هل من العدل أن نساوي بين (دكتور)، ودكتور؟؟؟ والله هذه جريمة.
أحد الأصدقاء الشعراء الذي أحترمه، وأحترم شعره حصل على تلك الشهادة فبدأ يراسلنا في ديوان العرب باسم الدكتور فلان، وطالبنا أن نكتب لقب دكتور قبل اسمه، وطبعا رفضت أسرة التحرير في حينه ذلك، ليس انتقاصا من شعره فهو شاعر مجدد، وهذه شهادة مني بذلك، لكنه لا يحمل لقب دكتوراة، ولا داعي للقب غير صحيح، لا يزيده شهرة، ولا صيتا، فأشهر شعراء العرب (المتنبي) لا يحمل أي دكتوراة ويتربع على عرش شعر العرب منذ أكثر من ألف سنة. لكن يبدو أنه غضب منا فقاطعنا ولم يعد يراسلنا. الله يسامح هذه الجمعيات التي أصبحت تنتشر انتشار النار في الهشيم، فتخرب أخلاق كتابنا، كما خربتها أموال النفط، والكاز.
بالمناسبة في أمريكا هناك جمعيات كتاب تجارية مقابل الاشتراك المالي فيها تصبح عضوا وبالتالي كاتبا، أو شاعرا من أي مكان في العالم كنت، وسواء كنت كاتبا، أو أميا، حيث يوهمونك أنهم يدققون في ذلك، لكنهم لا يدققون في شيء، وطبعا بعض الكتاب العرب بعد انتسابه إليهم يطير فرحا لماذا لأنه أصبح عضوا في جمعية عالمية، (ما دامت أمريكية فهي عالمية!!!!)، وطبعا دائما يكتب بجانب لقبه، والتعريف به أنه عضو في اتحاد كذا العالمي، مع أن أعظم شعراء العرب لم يكونوا أعضاء في أي اتحاد عالمي. رغم ذلك ورغم عضوية هذا الاتحاد العالمي الوهمي، والذي لا ينتج شعراء، أو كتابا، فالمبدعون هم من ينتجون أنفسهم، وحروفهم هي التي تعرف بهم، وإبداعهم، وتجديدهم هو الذي ينتزع لهم المجد الذي يبحثون عنه.