/B_rub>
عندما هبت المظاهرات احتجاجا على قيام أحد المستوطنين باطلاق النار قرب قبة الصخرة المشرفة، كان أحد المتظاهرين الذين رفعوا العلم الفلسطيني رغم أنه لم يكن من جيل الشبان الذين يقومون دائما بهذه الأعمال. كان الحدث عنيفا، هز الشارع الفلسطيني.
مستوطن يقتحم ساحة الحرم ويطلق النار، كيف دخل الحرم بالسلاح؟ ألم يره أحد؟ ألم يفتشه أحد؟ لا بد أنه دخل من الباب الذي يسيطر عليه أفراد الجيش الإسرائيلي الواقع في نفس الجهة التي يقيمون فيها طقوسهم والذي يسميه المسلمون باب المغاربة. بعد يومين كان فريد معتقلا لدى (…)
منذ تحول إلى سوق العمل المأجور، أصبحت تلك مهنته التي لم يبحث عن غيرها، كأنه أحبها، أو أصبح أسيرا لها.
يعدها الناس مهنة من المهن الوضيعة التي لا تحتاج إلى خبرة وفن، ويسخرون من صاحبها، لكن أبو سليم يعدها أصعب مهنة، لا يستطيع القيام بها إلا رجال معدودون.
كان في البداية عتالا (حمالا، شيالا) على مستوى صغير يحمل أكياس الطحين، والرز، والسكر على ظهره لنقلها من الشاحنة إلى المستودع حين كانت الروافع (الفورك لفت) غير مستخدمة في بلادنا. لكنه بعد سنوات أصبح عتالا من الطراز الأول، بل العتال الأكثر (…)
انفجرت العبوة في الطريق المؤدية إلى مستوطنة «بسجات زئيف» القريبة من القدس عندما مرت سيارة جيب عسكرية إسرائيلية، فأدت إلى مقتل أحد الجنود وجرح آخر.
بعد ساعات كان الجيش قد اعتقل الخلية التي أعدت العبوة حتى قبل الإعلان عن الانفجار عبر الإذاعة. استغرب الفدائيون المعتقلون وعددهم أربعة سرعة اعتقالهم دون أية دلائل تشير إلى تورطهم، وأكثر ما أثار دهشة كل منهم اعتقالهم جميعا في نفس اللحظة.
بعد شهور من المحاكمة صدرت الأحكام ضد أحدهم بالسجن المؤبد فيما حكم الثاني بالسجن عشرين سنة والثالث ١٥ سنة أما (…)
منذ مولده لم يغادر المدينة المقدسة، ولد فيها وتخرج من مدارسها، ورفض أن يلتحق بجامعة خارج أرض الوطن فظل صامدا بها. اشتغل بالتجارة وبعد سنوات طويلة أصبح يملك أحد المحلات في شارع الواد الممتد من باب العمود حتى باب السلسلة. كان سعيدا في حياته رغم كل الممارسات الإسرائيلية بتضييق الخناق على سكان القدس، فقد قرر أن لا يمنحهم نشوة الانتصار عليه. لن أتركها لمحتليها، سأموت وأدفن في مقابرها.
هذه كلماته الشهيرة، فالقدس بالنسبة إليه لم تكن مكان ولادة. بل كانت انتماء حقيقيا للمكان، والتراث، (…)
كان يعرف أنه مطلوب للسلطات الإسرائيلية عندما داهمت قوة من حرس الحدود بيت أهله لتعتقله ولم تجده في البيت. اختفى عن الأنظار ولم يعد يظهر في الشوارع والحارات كما كان سابقا.
بعد عام من اختفائه في مدينة أخرى، غير فيها شكله ولباسه، صار يخرج أحيانا إلى السوق لشراء بعض حاجياته. وفي أحد الأيام أثناء عودته إلى مكان سكنه لاحظ من بعيد سيارة مدنية تحمل رقما فلسطينيا يجلس فيها بعض الشبان، وقد وضعوا الكوفية الفلسطينية فوق مقود السيارة ليلاحظه الجميع.
كان وجودهم في الشارع يدعو للشبهة في نظره، فقرر تغيير (…)
عاد مساء إلى بيته ليجدها قد رحلت وأخذت ابنهما معها. لم تترك أية رسالة توضح سبب تركها البيت، لكن كان واضحا أنها لن تعود فقد أخذت معها كل متاعها ومتاع ابنهما الصغير ابن الثماني سنوات. لم ترد على اتصاله بها مما أثار شكوكه، هل حصل شيء معها ومع ابنهما رتشارد؟ اتصل بأمها على الفور في ولاية كلورادا التي تبعد أكثر من ألف ميل عن مكان إقامته في ولاية وسكنس، سألها: هل اتصلت بك جودي؟ جودي تركت البيت ولن تعود إليك؟ هل تعرفين أين هي الآن؟ فقالت له بجلافة: أعرف ولا أريد أن أخبرك لأنها لا تريدك في (…)
أواسط ١٩٩٦
كان يقود سيارته متجها إلى العيزرية لزيارة أحد أقاربه هناك عندما اعترضت طريقه سيارة مدنية ذات لوحه صفراء اعتقد للوهلة الأولى أنها سيارة للمخابرات الإسرائيلية لكنه فوجئ بعد أن أوقف سيارته بأربعة شبان عرب يتجهون نحوه، اثنان نزلا من السيارة التي اعترضته، وآخران نزلا من السيارة التي كانت تسير خلفه، حدثته نفسه بالهرب، لكنه خشي أن يدهس أحدهم عندما يسرع هاربا. هل هم لصوص؟
تساءل بينه وبين نفسه، لكنه تجرأ وسألهم قبل أن يصلوه: لماذا أوقفتهم سيارتكم في الطريق؟
فجأة فتح أبواب سيارته (…)
(أنا ملك الأنتيكة في فلسطين، من يدعي عكس ذلك فليتحداني).
هكذا كان يعلن دائما للناس منذ افتتاح محله الجديد في باب الخليل في القدس.
الشيخ عدنان ملك الأنتيكة، هكذا عرفه الناس، وبهذا يجب أن يُعَرَّف.
كان رجلا أميا، لم يلتحق بمدرسة قط، رغم ذلك كان يدعي أنه ملك الآثار. يعد نفسه خبيرا بالعملة الأثرية القديمة التي يطلق عليها العامة في فلسطين (أنتيكا)، وهي كلمة معربة عن الإنكليزية كما يبدو من لفظها عن كلمة (أنْتِكْوِتِز).
منذ صغره كان يذهب مع القرويين إلى المناطق الأثرية في الجبال ينقب عن (…)
حزيران ٢١٤٩
كان حسن عبد السلام يجلس في بيته مع زوجته يشاهد التلفزيون عندما قرر التنقل من قناة إلى أخرى باحثا عن برنامج يعجبه، فجأة توقف أمام إحدى القنوات التي كانت تعرض حوارا تلفزيونيا مع أحد علماء الفضاء الجدد الذي أذهل العالم باختراع جديد أحدث ثورة علمية تشبه ثورة الحاسوب في نهاية القرن العشرين.
كان العالم أحمد النبيل يشرح كيف يعمل اختراعه الجديد الذي نجح مع زملاء له في المهنة في استعادة الأصوات من الماضي. وكان المذيع يثير العالِم بأسئلته ويطالب الجمهور الاتصال للاستفسار من العالم (…)
كان يلاحقها بنظراته، وابتساماته كلما التقت عيناه بعينيها، فقد أعجبته من بين كل الطالبات العربيات في مدرسة حيفا الثانوية، كان أبوه يحذره من الفتيات العربيات، ويقول له: لا تقترب منهن فنحن لسنا عربا. لم يكن يستمع لنصائح أبيه، فهو لا يشعر بالانتماء لليهود، بل يعد نفسه غريبا عنهم، كما يعدونه من غير جنسهمِ، دائما يتهامسون عليه، ويطلقون عليه النكات لذلك كان منعزلا عن كل الطلاب، نادرا ما يتحدث مع أحد حتى رآها فتغيرت مشاعره، في البداية خاف من الاقتراب منها، لكنه بعد فترة تجرأ واقترب منها عندما رآها (…)
فوجئ نبيل بعد عودته في الليل، أن النقود التي خبأها في جرار مكتبه قد فقدت. اعتقد في البداية أن زوجته قد اضطرت لصرفها فسألها: حبيبتي، هل اخذت النقود التي تركتها في جرار المكتب؟ لا يا حبيبي، أنا لا أعبث في أغراضك. غريب، إذن أين ذهبت النقود؟ لعلك وضعتها في مكان آخر. أو ربما لم تضعها هنا أصلا.
هز رأسه، حاول التذكر إن كان قد تركها في مكان آخر فلم يتذكر سوى أنه تركها في الجرار قبل مغادرته البيت.
بحث في كل مكان يحتمل أن يكون قد خبأ الفلوس فيه فيم يعثر على شيء، أهمل الموضوع لعله فعلا صرفها دون أن (…)
كان مشهورا بحبه للسمن البلدي، وكان يدفع سعرا مغريا لقاء تنكة منه، لكنه كان يشترط دائما أن يتذوق السمن قبل شرائه، ولذا لم يكن يقبل شراء التنكات المغلقة من الشركات ويفضل شراءها طازة ومفتوحة من الفلاحين، أو البدو في منطقة أريحا حيث كانوا مشهورين في تلك الأيام، أربيعينات القرن العشرين، بالسمن البلدي ولم يكن أحد يجرؤ على غش السمن البلدي الذي يباع للبطرك، لمكانته الدينية ولعلاقته بسلطة الانتداب، إذ يكفي إشارة منه ليسجن صاحب السمن المغشوش.
وفي أحد الأيام طرق بابه أحد الشباب من إحدى القرى حاملا (…)
في إحدى عرف سجن عسقلان في منتصف ثمانينات القرن الماضي (العشرين) كان عماد المسؤول الأمني في الغرفة يلاحظ أحد الأسرى يقوم بحركة سريعة عندما يمر السجان من أمامه أثناء عد الأسرى حيث يجري عدهم أربع مرات كل يوم.
كان الأسير ماهر عبد المطلب أحيانا يحك رأسه عندما يمر السجان من أمامه، وأحيانا يحك أنفه ومرة ثالثة يفرك عينيه ومرة رابعة يرفع رأسه للأعلى. هذه الحركات لم تكن طبيعية، فبعد كل حركة كانت إدارة السجن تقوم بمداهمة القسم وتفتيشه، فقررت لجنة الأمن إخضاع الأسير ماهر للتحقيق الفوري.
في اليوم (…)
أعرف أنك كنت على خلاف مع الحزب، وأنك اعترضت على تصرفات قيادته، واتهمتها باتهامات كثيرة منها البيروقراطية والفردية .. ومن يدري قد تكون محقا في كلامك وقد أيدك كثيرون وتبنوا وجهة نظرك. وطلبوا بإصلاحات جذرية داخل صفوف الحزب، لكن القيادة العليا أصمت آذانها، ولم تستجب لشيء من مطالبكم. ولو أنك أعلنت استقالتك من الحزب، أو تمردت عليه لتفهم كثيرون موقفك ولم يعتبوا عليك.
وربما لو تخليت عن النضال كله وهاجرت من فلسطين إلى بلاد الغربة كما فعل كثيرون غيرك لوجدت من يتفهمك، لكنك قمت بممارسات لم يجد أحد (…)
كان «روجر» محاميا ناجحا في حياته المهنية، ترافع عن مئات القضايا أمام المحاكم الفدرالية لكنه لم يكن كذلك على الصعيد الزوجي، فقد تزوج ثلاث مرات وفشل فيها كلها حتى أن صديقاته كلهن تركنه ولم يعد تربطه بأية منهن أية علاقة، وعندما سجن بتهمة عدم الإقرار بصحة دخله المالي عن سنة ٢٠٠٥ وأدخل السجن، لم تسأل أي منهن عنه، ولم يصله رسالة واحدة منهن، كأنهن سررن بسجنه، ورأين في ذلك انتقاما منه.
رغم ذلك يصر «روجر» أنهن كن يعشقنه وأنه كان مثال الزوج المثالي.
عمره ٦٣ عاما، الشيب يغزو رأسه، يقضي معظم وقته (…)