/B_rub>
السحلب مشروب مشهور في بلادنا خصوصا في فصل الشتاء، لكنه في سنوات الستينيات، والسبعينيات في القرن الماضي كانت له نكهة خاصة مرتبطة بالمكان، والإنسان، بحيث أصبحت ملتصقة به، وتعد أحد مكوناته الأساسية. بل ويصعب الحديث عن السحلب دون الحديث عن ذلك الزمن الجميل.
كل أبناء جيلي من سكان البلدة القديمة في القدس المحتلة يتذكرون جيدا بائعي السحلب أو بائعي البوظة، أو بائعي الخروب، والسوس، والهريسة.
وما دام الحديث عن السحلب فقد كان أشهر بائع سحلب في ذلك الزمن في البلدة القديمة في القدس أبو عايدة (هكذا كنا نعرفه)، كان شابا بشوشا اشتهر ببيع السحلب في فصل الشتاء، وكنا زبائن دائمين عنده لا يمر يوم في فصل الشتاء دون أن نشتري السحلب من بسطته. وأجمل ما فيه كان ما يضعه فوقه من قرفه، وجوز هند، وبعض المكسرات.
وعندما يكون الجو ماطرا كان يضع بسطته تحت أحد القناطر التي كانت تشتهر بها البلدة القديمة اتقاء للمطر، فنتجمع حوله لندفئ أجسامنا من السحلب الساخن، ومن الحرارة المنبعثة من تحت الوعاء الذي كان يضع السحلب فيه. أبو عايدة كان في ذلك الزمن معروفا لكل سكان البلدة القديمة، وما أن تذكره أمام أحد الحاضرين حتى يسيل لعابه على السحلب، ولا يمكن ذكر السحلب دون أن يتبادر إلى أذهاننا أبو عايدة حتى أنني لم ألتق بحياتي بأحد يكنى بهذا الاسم غيره، لهذا كان من المستحيل نسيانه. فاتني أن أذكر لكم أنه كان جارا لجدي من والدي الذي كان يسكن في حي القرمي في القدس ذلك الحي الذي تعود معظم بناياته للعصر الأيوبي.
أجمل تحية لأحد رموز القدس القديمة الشعبيين أبو عايدة، آملا أن يكون ما زال حيا، وينقل له أحد أحفاده هذه التحية إن صادف وقرأها.