/B_rub>
كان راشد يوميا يتبادل الرسائل النصية، والصور، والأفلام مع أصدقائه، ومنهم صديقه المقرب سامر.
الرسائل النصية أصبحت ظاهرة مرضية، تمارس بسبب، وبدون سبب، أحيانا يتم تبادل أشياء مهمة، ومعظم الأحيان يتم تبادل بعض النكات، والصور السخيفة أو المثيرة بقصد السخرية، والتعليقات.
في أحد الأيام وصلت راشد رسالة تحوي فيديو قصيرا لفتاة شابة جميلة تتحدث بصوت ناعم قائلة: صباح الخير
أعجب الفيديو القصير راشدا، فحوله على الفور إلى سامر. وانتظر منه الرد، أو التعليق.
مرت ساعة كاملة لم يرد سامر على غير عادته، دقق راشد بالهاتف جيدا عبر الوتساب، فلم يجد أي رد، سامر لم يشاهد الفيديو.
هز رأسه، لا بد أنه مشغول.
ظل راشد يتابع الوتساب حتى ظهرت لديه العلامة الزرقاء التي تؤكد أن سامرا شاهد الفيديو.
تسمر أمام الوتساب ينتظر الرد، دقيقة، دقيقتان، ثلاثة، ها هو يرد، كان مثل ماء يغلي على نار هادئة.
فجأة اختفى سامر، يبدو أنه انشغل ثانية.
طار انتظار راشد، فأرسل له الفيديو مرة أخرى يذكره بأنها تقول له صباح الخير.
فورا جاءه الرد هذه المرة:
– من هذه التي في الصورة؟
فرد عليه ساخرا:
– أنسيتها؟
بعد لحظات وصله سؤال جديد:
– لكثرتهن لم أعد أتذكرهن جيدا هاهاها
ضحك راشد، وكتب له:
– هذه صديقتك الأولى التي لم تعد تتصل بها أو تراها.
– تقصد ناريمان؟
استغرب راشد الرد، فمن تكون ناريمان هذه؟ يبدو أنه فعلا كان له صديقة اسمها ناريمان، هاهاهاها، أخو الشلن...
رد عليه:
– طبعا هي نفسها، ما زالت تتذكرك.
– وكيف وصلك هذا الفيديو ولم ترسله لي مباشرة؟ هل أنت على علاقة معها؟
– هذا سر لن أفشيه لك إلا إذا دعوتني على العشاء الليلة.
– حسنا انتظر دعوتي، سلام.
في المساء انتظر راشد أن يرد عليه سامر، لكنه لم يفعل، فاغتاظ راشد، لكنه حدث نفسه أخيرا: لا بد أنه انشغل بزوجته الآن، أو أراد الهروب من دعوتي للعشاء.
قبيل منتصف الليل بقليل، كان راشد يغط في نوم عميق، وإذا بجرس الباب يرن، فهب راشد منزعجا، أرخى أذنيه ليتأكد أنه سمع جرس الباب، فإذا به يرن ثانية، وثالثة، قفز من فراشه متسائلا عن الطارق بعد منتصف الليل!!
قبل أن يرد أحضر عصا غليظة من المطبخ أعدها للطوارىء، وسأل قبل أن يفتح: من الطارق؟
– افتح أنا سامر.
– سامر؟
وضع العصا جانبا وفتح الباب بعد أن تأكد من نبرات صوته، وقد أصابه الهلع لهذه الزيارة في هذا الوقت المتأخر من الليل، ودون اتصال مسبق.
– تفضل، خيرا إن شاء الله؟
– خير؟ ومن أين يأتي الخير منك يا راشد؟ يا بني آدم، هل هذا عمل تعمله؟ لقد ورطتني في ورطة بسبب مزحاتك ثقيلة الدم مثلك.
– اهدأ، وخبرني ما الذي حصل؟
– بعد كل ما عملته تسألني ماذا حصل؟
– تقصد الفيديو الذي أرسلته لك؟ ألهذا جئت تزعجني، وتوقظني من النوم؟
– بل جئت لك لأن زوجتي رأت كل ما كتبته.
– هل تتجسس عليك؟
– أجوبتك تثيرني، ولولا أنك صديق العمر لتصارعت معك، يا راشد أنا نسيت هاتفي اليوم بالبيت، وزوجتي كانت تقرأ رسائلك البايخة، وهي التي كانت ترد عليك باسمي.
ضرب راشد رأسه بيده، وقطب حاجبيه، وصرخ سائلا:
– معقول؟ يا إلهي، كيف لم أفكر بذلك، ولم يخطر لي على بال؟
– وهل صدقتْ ما أرسلته لها؟
– ولماذا لا تصدق وأنت تكتب لي بلهجة الواثق؟
– وهل حصل خلاف بينكما؟
– هاهاها خلاف؟؟ لقد تشاجرنا، وكسرت هاتفي، وضربتها، وخرجت من البيت.
وضع راشد يديه على وجهه، مغلقا عينيه، كي لا يرى وجه سامر الذي لا يدري ماذا يرد عليه، صمت للحظة، ثم رفع يديه عن وجهه لتظهر دموعه لسامر، وقد شحب وجهه. ثم قال:
– لم أتوقع هذه النتيجة. تبادلت معك الكثير من النكت، والصور، والفيديوهات. ماذا يمكنني فعله لأصحح ما فعلت؟ أنا جاهز إن تسمح لي أن أوضح الأمر لزوجتك، بأنها مجرد رسائل تنكيتية.
بعد تفكير، قال له:
لا بأس هذا ما ستفعله، لكن عليك أن تعرف أن زوجتي منذ الآن تعدك من أصدقاء السوء، وسيكون من الصعب علي أن أدعوك يوما لبيتنا، لأنك تسببت لها بمشاكل، وجرح مشاعر، وخسارة هاتف.