/B_rub>
كان مجبرا أن يسهر مع زملائه في البيت حتى ساعة متأخرة من الليل، رغم أن عمله صباح اليوم التالي (السبت) كان مبكرا، وكان عليه أن يكون هناك قبل موعد العمل ليثبت لصاحبه أنه يحترم عمله، خصوصا وأنه لم يمر عليه سوى يوم خمسة أيام في العمل الجديد.
استأذن منهم فقد أنهكه النعاس، وذهب إلى النوم لكن هيهات أن ينام فقد كانت أصواتهم وصراخهم ترن في أذنيه حتى الصباح الباكر، كان يحاول النوم، بين لحظات الهدوء القليلة، أحيانا كان يقوده تفكيره للأمام فيحلم أنه يطير بجناحين كبيرين. كيف لا يطير وهو الآن في جنة أمريكا، يعمل في غسيل الصحون براتب شهري قدره ثمانمائة دولار شهريا، بعد أن ظل في وطنه سنوات دون أن يجد عملا.
هو الآن في أمريكا، لم يعد يصحو على أصوات الدبابات كما كان في رام الله، ولكنه يصحو على أصوات زملائه في الشقة، إنهم ثلاثة شبان عرب، اثنان منهم من فلسطين أحدهما من قرية بيت دقو، ويدعى سائد، وآخر من قضاء نابلس، ويدعى زياد، أما الثالث فكان سوريا من الحسكة، ويدعى أمين. استقبلوه فور وصوله شيكاغو وساعدوه في الحصول على عمل، ثم قالوا له:
– سنسامحك في الشهر الأول حتى تجد عملا وبعد ذلك ستدفع مثلنا، كانوا فعلا شبابا طيبين.
استيقظ فإذا الساعة الثامنة
– يا الله لقد تأخرت على الشغل، سيفصلونني الان،
تحرك بسرعة لبس ملابسه وغسل وجهه ثم نزل مسرعا إلى العمل.
ما إن نزل عن الدرج رن جرس الهاتف بالبيت، كان على الخط الثاني أبوه يريد أن يطمئن عليه، لم يرفع السماعة أحد، فالجميع نيام، ظل الهاتف يرن حتى لفترة طويلة حتى رفع السماعة أمين متذمرا
– ألو من؟
– مرحبا يا ابني، أنا أبو فريد، هل أستطيع التحدث مع فريد؟
– فريد ذهب إلى الشغل
– متى سيعود، أنا أبوه أحب أن أسمع صوته
– سيعود في المساء سأبلغه أنك اتصلت عندما يعود.
وصل فريد الشارع العام واقترب من موقف الباص الذي كان على الجهة المقابلة للشارع فشاهد الباص يصل المحطة، لم يكن بمقدور فريد قطع الشارع لكثرة السيارات ولأن إشارة مرور السيارات بالاتجاه المحدد كانت خضراء، فحرك يده للسائق لعله يتوقف قليلا فوافق، لكن كثرة السيارات منعته من الوصول فبدأ السائق يتحرك معلنا نفاذ صبره.
خشي فريد أن يتركه السائق فيتأخر أكثر، فالباص الذي يليه سيأتي بعد ساعة، ركض ليقطع الشارع بسرعة ليلحق بالباص قبل أن يغادر الموقف، لكن فجأة ضربته سيارة قادمة من الاتجاه الآخر تسير بسرعة جنونية، كان بين الحياة والموت.
توقف السير تحرك الباص مغادرا، تجمع بعض المارة، وبعد دقائق كانت سيارة الإسعاف والشرطة تملأ المكان، بحثوا في جيبه عن أية إشارة، أو بطاقة تحمل اسمه، أو عنوانه فلم يجدوا سوى ستة دولارات، وخمسة وستين سنتا. سألوه وهو في الطريق إلى المستشفى عن اسمه وعنوانه وبالكاد استطاعوا تسجيل الاسم والعنوان.
كان حريصا على عدم التأخر عن العمل، فقد جاهد طويلا قبل أن يحصل عليه.
أكثر من عامين كاملين وهو يبحث عن عمل في رام الله قبل أن يسافر إلى الولايات المتحدة.
لم يترك بابا في رام الله إلا طرقه، حتى عرفته كل الشركات والمحلات التجارية. عزاؤه الوحيد كان أنه ليس الوحيد الذي يسكن في حي البطالة، فهو أكثر الأحياء ازدحاما بالسكان.
فكر أخيرا في إيجاد عمل في القدس، لكن الجيش الإسرائيلي لم يترك منفذا إليها إلا وسده، وتحولت نقاط التفتيش العسكرية القريبة من الرام إلى نقطة حدود دولية كتلك التي بين مصر وإسرائيل، أو حتى بين المكسيك وجارتها الولايات المتحدة. حاولوا تقسيم الوطن الواحد أكثر من مرة، نجحوا في رسم الحدود، لكن لم ينجحوا في تقسيم الوطن في أذهان الناس.
جرب أكثر من مرة اللجوء إلى التهريب ودخول القدس عبر الجبال، وهي مهمة لا يقدم عليها إلا من كان قد وضع روحه على كفيه متحديا ما سيعترضه من مخاطر.
نجح أخيرا في الوصول إلى الخط الرئيسي في بيت حنينا بعد مشي ساعات طويلة عبر الجبال مع أن المسافة لم تكن تزيد في الحافلة عن خمس دقائق على أكثر تقدير.
كان يلهث من التعب، بدأ يتمتم لنفسه:
– الحمد لله رب العالمين، وأخيرا وصلت، يا سبحان الله! أصبح التنقل في أرض الوطن يحتاج إلى تصريح! لم نعد نعرف على وجه الدقة أي المناطق يسمح لنا بالتجول فيها وأي المناطق يحظر علينا الاقتراب منها، لم أعد أعرف إن كنا سجناء أم رهائن، أم تحت الوصاية، أم خليطا من هذا وذاك؟ لعن الله الاحتلال وجنوده، متى سيريحنا الله منهم؟
صمت ثم تابع:
– لقد كانت مغامرة رهيبة، لكنها جميلة رغم كل شيء، لأول مرة أشعر بمتعة المغامرة، ربما لو جئت تلك الجبال في وقت عادي دون ملاحقات الجيش لما شعرت بأية متعة. يبدو أنني لا أشعر بمتعة الأشياء إلا عندما أقتحم مصاعبها وأتحمل في سبيلها الأهوال. هل هذا هو قدرنا نحن الشعب الفلسطيني، أن نتحمل كل ذلك؟
اللذين يشاركون في سباق الخيل وسباق السيارات يعرضون أنفسهم للمخاطر أيضا، بعضهم يموت من أجل الفوز، الفرق الوحيد بيننا وبينهم هو أن المشاركين عندنا في هذه المسابقة من كل الأعمار، إنه فعلا سباق بيننا وبين الجيش الإسرائيلي، فإما أن نفوز ونصل القدس وإما أن نخسر السباق فنسحب للمعتقل. السباق عندنا مفتوح. الاحتلال أعلن بدايته، لكنه بالتأكيد لا يعرف كيف ستكون النهاية.
آخ يا زمن أصبح الباحث عن عمل كالجندي على خط الجبهة الأمامي، فقد يعود سالما وربما لا يعود أبدا.
انتظر فريد قليلا حتى مرت سيارة سرفيس (سيارة نقل الركاب مثل الباص)، فأشار للسائق الذي أوقف السيارة، وقبل أن يصعد للسيارة سألة:
– هل معك بطاقة هوية من القدس ؟
– لا أنا من رام الله. فتركه وتابع السير .
– لعنة الله عليكم هل صرتم حراسا لليهود؟ آخ منكم يا أهل القدس نحن ندفع الثمن وأنتم هنا ولا على بالكم. تفوه عليكم
لم يتوقع فريد أن يصبح سائقو التسيارات والحافلات عمالا أمنيين لليهود، عامان كاملان لم يدخل فريد القدس ولم يعرف التغييرات التي حصلت فيها.
فجأة خطرت له فكرة، بعد قليل كانت سيارة سرفيس أخرى تقترب منه رفع يده فتوقفت سأله السائق :
– من القدس؟
– نعم أنا من القدس
وبعد أن جلس داخل السيارة قال له السائق:
– هل لي أن أرى بطاقة الهوية إذا سمحت؟
– يا رجل هل تعتقد أنني أكذب عليك؟ اتق الله قلت لك من القدس.
سكت السائق، لم يكن يعلم أن فريدا يكذب عليه. وأنه مثل الدور جيدا، فقد كانت تعابير وجهه ونبرة صوته توحي أنه صادق، كيف حافظ على رباطة جأشه؟ ربما الفقر والبطالة والبحث عن عمل تلك المدة الطويلة!!
بعد عدة دقائع عندما اقترب السائق من شعفاط، فجأة أوقفته سيارة شرطة إسرائيلية فجائية للتفتيش، كانوا يصوبون البنادق نحو الركاب، وكأنهم في هجوم انتحاري، ومثل تلك السيارات المتنقلة للتفتيش كثيرة، بحيث يصعب أن تجد منطقة لا تتحرك فيها الشرطة الإسرائيلية بشكل متواصل.
توقف السائق وقال للركاب قبل وصول الشرطي اليهودي:
– حضروا بطاقات هوياتكم يا شباب حتى لا نتأخر.
وصل الشرطي اليهودي، كان أسود اللون يبدو أنه من إثيوبيا جاء ليصارع أهلها على وطنهم.
نظر إليهم باستهتار وقال بلغة عبرية ضعيفة:
– تعودات زهوت (بطاقة الهوية)
قدم له كل منهم بطاقته، أما فريد فلم يحرك ساكنا فدفعه جاره، لكنه تجاهل ذلك.
نظر الشرطي أخيرا إلى فريد وسأله:
– أين يطاقة الهوية يا خمار ؟
قدم فريد البطاقة البرتقالية اللون (بطاقة الهوية لسكان الضفة لونها برتقالي بخلاف بطاقة أهل القدس العرب الزرقاء).
سأله بعد أن شاهد لون بطاقته:
– هل معك تصريح بالدخول؟! فأجابه
– نعم
– أين هو ؟
– ضاع
طلب منه النزول من السيارة بعد أن سدد بندقيته إليه، وقال للسائق أن ينزل هو وكل الركاب
نظر الشرطي الأسود القصير إلى فريد بتعال وغرور وقال له:
– ارفع ثيابك، فرفعها، ثم رفع يديه عاليا
– اخلع بنطلونك، فخلعه ولم يبق إلا الكلسون
– أدر ظهرك، فأداره
– ارفع يديك للأعلى
– افتح بين رجليك، ففعل
ثم اقترب منه شرطي آخر وشد وثاقه قبل أن يهجم عليه لكما وضربا في عقب البندقية، ثم سأله بصراخ
– لماذا جئت إلى هنا يا ابن الزانية؟
– جئت أبحث عن عمل.
– جئت تبحث عن عمل أم لتفجر نفسك؟
– جئت أبحث عمل وكما ترى ليس عندي متفجرات.
– حسنا إلى من ستذهب في القدس؟
– لا أعرف سأبحث عن عمل عند كل الناس
– حسنا سنرى، ثم استدار إلى السائق وسأله:
– لماذا أحضرته في سيارتك؟ ألا تعرف أنه ممنوع؟
– سألته من أين فقال من القدس؟
استدار الشرطي الإثيوبي الإسرائيلي إلى فريد وصرخ به
– تكذب على السائق يا حبلان (مخرب)
طلب الشرطي ومساعدوه من الركاب استخدام سيارة أخرى للانتقال إلى القدس واعتقلوا فريدا مع سائق السيارة وحجزوا سيارته بعد أن طلبوا نقلها إلى قسم الشرطة (المسكوبية).
نظر السائق إلى فريد بحنق وقال له:
– أرأيت لقد قلت لي إنك من القدس.
ثم أكمل قائلا :
– لماذا كل هذا ؟ الان سيحكم علي بغرامة تقدر بثمانية آلاف شيكل غير السجن؟ لماذا؟ ماذا فعلت لك يا عزيزي؟ أنا أعمل 15 ساعة باليوم حتى أوفر طوال الشهر 3000 شيكل (700 دولار) وأنت تريدني أن أدفع الان ثمانية؟
رد عليه فريد بهدوء
– لماذا أنا؟ ما ذنبي؟ أنا مثلك جئت أبحث عن عمل؟ منذ عامين كاملين بدون عمل؟ أية جريمة أرتكب وكيف أدافع عن حقي؟ هل فعلا أنا المجرم؟ أليس الاحتلال هو السبب؟ نحن في رام الله محاصرون منذ سنوات، أنتم على الأقل تتنقلون بسهولة. تجدون عملا حتى في مصانعهم.
كان السجن يعج بالسجناء ومنهم بعض عمال الضفة الذين ألقي القبض عليهم بدون تصاريح رسمية.
تعرف فريد في سجن المسكوبية في القدس على عامل كبير السن يعمل في مصنع إسرائيلي، سأله:
– كيف أحضروك إلى هنا؟
– كنت أعمل في مصنع إسرائيلي في بيت شيمش ولا أعود إلى رام الله إلا مرة كل شهر، وبصعوبة بالغة لأنني لا أحمل تصريحا رسميا وصاحب العمل اليهودي يتهرب من إصدار تصاريح لنا حتى لا يدفع عنا الضرائب، قبل أيام غضب اليهودي لأن صديقا له في الجيش قتل على أيدي رجال المقاومة، فأحضر لنا الجيش وقال لهم إننا هنا بدون تصاريح فاعتقلونا جميعا.
– ألم تقل لهم إنك كنت تعمل عنده؟
لم يكلفوا أنفسهم بسؤالنا، أو الاستماع لنا بل انهالوا علينا بالضرب قائلين لنا أننا مخربون.
عاد فريد إلى رام الله بعد أن أمضى شهرا في السجن وكبد أهله مصاريف المحامي ودفع غرامة استطاع أن يستردها من السلطة فيما بعد، كان والده غاضبا لما حصل معه قلقا أمضى عدة أيام يبحث عنه قبل أن يقرر توكيل محام للبحث عنه في السجون الإسرائيلية.
وصلت سيارة الإسعاف إلى مستشفى كرايست في شيكاغو، وعلى الفور أدخل فريد إلى قسم الطوارئ، كان بين الحياة والموت، يستعيد في غيبوبته القصيرة شريط حياته، فرحته لم تكتمل بعد، فقد كان اليوم السبت موعد استلام أول راتب له، كان أول شيء يريد أن يفعله إرسال نصف المبلغ إلى والديه في رام الله، فهل سيشفى ويحقق طلبه؟ أم سيفصلوه من العمل لأنه غاب عنه؟
تذكر والديه، شوارع رام الله، دبابات الاحتلال، تساءل عن الفرق بين دخول المستشفى جريحا برصاص الاحتلال، ودخوله مصابا بحادث سير في بلد الرياح.
[(لا زال يسمع بعض حديثهم بأن إصابته خطيرة، استسلم لقدره، تراءت له الساعات الأخيرة قبل الهجرة إلى الجنة الموعودة.
– كل الطرق أغلقت في وجهي، لم يبق لي إلا خيار واحد الهجرة، مع أنني لا أحب الهجرة من أرض الوطن، فأنا مثل غوار الطوشة في كاسك يا وطن لا أحب السفر وأكره الخروج من رام الله فهي على ضيق مساحتها، ورغم أنها لا تطل على نهر أو بحيرة أو محيط ولا حتى على سيل ماء فأنا أحبها، تعودت عليها، على شوارعها وعلى مطاردة الجيش المحتل لأبنائها، تعودت على ضرب الحجارة دفاعا عن الوطن، أحب خبز الطابون والمسخن والمنسف، وأعشق سهرات الأهل تحت شجرة زيتون على صوت الربابة نغني:
على دلعونا على دلعونا
أرضك يا بلادي أحلى ما يكونا)]
لا أعرف لماذا استجبت لهذه الفكرة، الهجرة، يا الله، لكن كيف أهاجر وإلى أين لقد قدمت في السابق طلبات كثيرة لزيارة دول أوروبا وأمريكا وكندا، واستراليا فرفضوني، فهل يوافقون الآن؟
– لا أدري لكن ماذا سأخسر؟
– ستخسر الرسوم التي ستدفعها للفيزا، قال له صديق يريد الهجرة هو الآخر ثم أكمل قائلا:
– إذا لم يمنحوك الفيزا سأدفع أنا الرسوم، ماذا تقول؟
– ضمن هذه الشروط لا مانع فليس لدي ما أخسره
فوجئت أن القنصل يوافق على منحي الفيزا، ويرفضها لصديقي، لم أصدق فقد رفضوني من قبل عدة مرات؟
الفرق بين رام الله وشيكاغو كالفرق بين الأرض والسماء، يبهرك مطارها الكبير (أوهير)، الضخم وآلاف السيارات التي تقف على جوانبه، كيف ينظمون كل الرحلات في هذا المطار، هز رأسه، الآن عرفت لماذا معظم لا يعود معظم أهلنا المغتربين من أمريكا إلا للزيارة؟ أصبح الوطن بالنسبة لهم مكانا لاستعادة الذكريات، أو المحطة الأخيرة قبل الوفاة.
دق جرس الباب على الشباب في الشقة، وبعد عدة رنات ذهب سائد ليرى من الطارق
فتح الباب وفوجئ أن شرطيا بالباب
– هل من مساعدة؟
– هل هنا بيت أحمد جمهور؟
– نعم هو ينام عندنا مؤقتا .
– هل أنت أخوه؟
– لا لست أخاه فهو قادم للزيارة هل من مشكلة؟
– نعم لقد تعرض لحادث سير وهو الآن في المستشفى؟
– ماذا؟ يا الله!! في أي مستشفى؟
– مستشفى كرايست.
– حسنا سأحضر بعد قليل
بعد ساعتين عاد سائد من المستشفى يبكي
ليتني لم أذهب، فقد شاهدت جثته بوضع صعب لا إله إلا الله. قبل ساعات كان معنا يضحك ويجادل، وها هو اليوم جثة هامدة
صمت الجميع لحظة فسأل أمين: ما العمل الآن؟
حرك سائد أصابعه ثم سأل:
– ألم يتصل أبوه هذا الصباح؟
– نعم
– إذن لا بد أن رقمه لا زال على شاشة الهاتف، تعالوا لنرى
كان الجميع مسرورين أن رقم أهله في رام الله لا زال في ذاكرة الهاتف فاتصلوا بأهله يخبرونهم عن الفاجعة.
رن الهاتف فلم يجب أحد
اتصل سائد بعد عدة دقائق وقبل أن يغلق السماعة فجأة رفع أحدهم السماعة من الطرف الآخر،
– ألو هل أبو فريد موجود؟
– من أنت؟
– أنا من أمريكا
– أنت فريد؟
– لا نحن أصحابه
– أين فريد؟
– نريد أن نتحدث مع أبو فريد
– لكني أسألكم عن فريد، فأنا من أقاربه
قال زياد لسائد بصوت خافت، قل له الخبر أفضل من أن تبلغه لأبيه
– أنت قلت أنك قريبه؟
– نعم أنا ابن خاله عبد الرحيم
– حسنا يا عبد الرحيم بصراحة مش عارف كيف أبدأ لكن فريد توفي صباح اليوم
– لم افهم ماذا قلت؟
– قلت فريد مات قبل ساعتين.
– لا إله إلا الله ماذا تقول؟ قبل ساعتين؟ كنت سأخبره أن أباه مات قبل قليل،
– مات؟ أبوه؟ لقد اتصل بنا قبل عدة ساعات! سبحان الحي الذي لا يموت! وكيف سنفعل الآن؟
– هل بإمكانكم إرسال الجثة إلى رام الله؟
– الأمر ليس سهلا ويحتاج لإجراءات من عندنا ومن عندكم ومصاريف لا تقل عن 15 ألف دولار؟
– حسنا ادفنه عندك إذا سمحت . سنعود للاتصال معكم بعد لحظات.
أغلق سائد السماعة وسألهما : كيف سندفنه: ومن سيتولى أمره؟
نظر لهما أمين وقال:
سنذهب الآن إلى مقر مؤسسة الجامع لنضع الشيخ في الصورة ولا بد أن تجد حلا لها.
استمع إمام الجامع للحادث فبكى، وقال يا سبحان الله كأن روح الأب وروح الابن روحا واحدة ما إن فارقت الأول حتى فارقت الثاني.
– وماذا تقترح علينا أن نفعل يا حضرة الشيخ؟
– وهل هذا يحتاج إلى سؤال؟ طبعا سنتسلمه وندفنه حسب الطريقة الإسلامية.
– تعرف أن ليس له أهل هنا لدفع المصاريف
– أهل الخير كثيرون يا أبنائي.
اتصل الشيخ بأحد التجار اللذي يعرفهم وقال له :
– أبو محمد نريدك المساهمة في تكفين ميت مسلم مات بدون أهل ...
– يا شيخ لا تشرح لي شيئا، أنت تقرر، وأنا أنفذ
– جازاك الله خيرا، وكثر من أمثالك
نظر الإمام إليهم وقال لهم :
– لا زال فينا بعض الخير ...
االسلام عليكم
لقد عثرت (او اتعترت) بموقعك دونما سابق تخطيط، و بدأت جولتي بقراءة قصة المسكين المهاجر الى الجنة المزعومة وللحق فقد اغرورقت عيناي لقراءتها ، فالبرغم من عدم علمي بمدى كون القصة حقيقية ام من نسج الخيال ( و ارجوا ان تقبل مني ذلك كاقتراح متواضع بالتأشير على القصص ذات المصدر الواقعي ) الا انها ينمكن تصنيفها بباب الخيال الواقعي لاني كفلسطيني مغترب افهم تماماً هذه القصة بل و ما وراء ما يظهر للقارىء العادي كون الايام مختلفة و لكن الالام واحدة.
تحية لك في زمن اصبحت فيه الانسانية كالماء ... بدون لون، طعم او رائحة !
تحياتي يا أشرف
كل القصص التي كتبتها حتى الآن هي قصص واقعية أبطالها عاشوا معي أو عيشتهم أو عايشت من عاش معهم وعرف القصة عن قرب
شكرا لك واقبل تحياتي
عادل سالم