/B_rub>
كان سامر سعيدا جدا عندما زفت إليه أمه نبأ موافقة أهل سناء ليكون عريسا لابنتهم، فقد كان حلمة منذ سنوات أن تكون سناء زوجته، وطالما قال لأمه: إن زوجتموني سناء سأكون ابنكم المطيع.
فتسأله أمه بعد أن تعقد حاجبيها:
– وهل انقطعت النساء في الدنيا، ما الذي يحببك بها؟
– لا أعرف سر هذا الحب يا أمي.
وزادت سعادته سعادة جديدة عندما عرف من زوجته بعد شهر أنها حامل، وبدأ يعد الأيام المتبقية ليرى فيها ولي عهده القادم. ثم بدأ يعطي أوامره لزوجته، لا تتحركي كثيرا، لا ترفعي أي شيء ثقيل، لا تغسلي، لا لا لا، لم يبق شيء لم يحذرها منه، باختصار كان ينذرها إن حصل للجنين أي مكروه فلن يرحمها.
يوم الأربعاء المشؤوم يذكره سامر جيدا، عاد إلى البيت مبكرا، فلم يجد زوجته، فاشتاط غضبا، أين تكون قد ذهبت؟
– لقد نبهتها ألف مرة أن لا تخرج من البيت دون إذني.
– الغايب حجته معاه
– ليت عندي هاتفا خلويا لكن هيهات فالراتب لا يكفي.
فجأة قطع عليه حبل تفكيره طرق على الباب، فتحه فإذا جاره صبحي بالباب، رحب به، لكنه لم يدعه يكمل جملته وقال له: زوجتك ذهبت إلى المستشفى، وكانت في وضع صعب له علاقة بالجنين.
صعق سامر من الخبر، سناء في المستشفى، لا بد أن شيئا غير محمود حصل للولد وإلا لماذا كل هذه السرعة.
وصل سامر إلى المستشفى، وبعد الاستفسار من الاستعلامات قالت له الموظف المسؤول:
– مبروك إنها في غرفة الولادة.
– في غرفة الولادة؟! استغرب سامر وقال يخاطب نفسه:
– أتكون في طريقها للإجهاض؟
- بسرعة البرق كان بعد فترة قصيرة في الغرفة، وزوجته سناء مستلقية على السرير وبجانبها طفل صغير، ظن في البداية أنه أحد أطفال النزلاء في القسم، فسألها :
ماذا جرى لك ولماذا أنت هنا؟
– لقد ولدت يا سامر، ألا تشاهد ابنتك؟
تغير وجه سامر، احمر واصفر، وسألها
– هل ولدت؟
– نعم
– وهذه ابنتي؟ وأشار إليها بيده.
– نعم انظر، ألا تشبهك يا سامر، سبحانه الخالق الناطق.
تمتم كلمات غير مفهومة، وقال لها سأعود بعد قليل، تركها وذهب إلى غرفة الطبيب المناوب وسأله:
– هل يمكن لزوجة أن تنجب طفلا بعد أربعة شهور من الحمل؟
– لا طبعا، سيكون غير مكتمل النمو . لكنه أكمل قائلا هل كانت فترة الخطوبة طويلة؟
– نعم، لكن ماذا تقصد؟
– لا أقصد شيئا لكن كثيرا من شباب هذه الأيام يفعلونها قبل إتمام الزواج، فربما ...
– لا يا دكتور أنا لم أخرج معها إلى أي مكان حتى موعد زواجنا.
عاد سامر للغرفة حيث زوجته وقال لها
– سناء أجيبي بصدق ابنة من هذه؟
– ماذا تقصد أتشك بي؟
– لم يمر على زواجنا سوى أربعة أشهر فكيف تكون ابنتي؟
– هذه قدرة الله يا سامر ألم تحمل مريم بالمسيح دون أن تتزوج؟
– دعينا من المسيح الآن وأصدقيني القول فقد نفذ صبري: ابنة من هذه الطفلة؟
– ابنتك يا حبيبي
– حسنا أنت طالق يا سناء وخرج من الغرفة.
مر على غرفة الطبيب وقال له هذه ليست ابنتي فلا تسجلها باسمي. وغادر المستشفى على الفور.
لم تعرف الأم ماذا تعمل، وزاد همها عندما قال لها الطبيب إن إدارة الشؤون رفضت تسجيلها في السجلات الرسمية حتى يُحضر أبوها، فقالت لهم سناء إنه سامر، لكن الطبيب رفض ذلك قائلا: سامر قال إنه ليس أباها.
– ما العمل يا دكتور؟
– لا أعرف لكن لن نعطيك شهادة ميلاد إلا إذا جاء من يقول إنه أبوها. سكت ثم أكل قائلا
– لماذا لا تفحصوا ما يسمى بالدي إن إي لتتأكدوا؟
صمتت دون إجابة وقالت:
– اقتراح جيد افحصوني إن أردتم.
– لكن لا نستطيع أن نفعل ذلك على حسابنا وهذا يحتاج لأمر محكمة.
– إذن سآخذها بدون شهادة ميلاد
– لا هذا غير ممكن
– يا الله وماذا أفعل؟
– احضري لها أبا
– من أين
– لا يهمني من أين، إن شاء الله تحضريه من الشارع ، المهم أن يأتيني رجل ويقول هذه ابنتي وأنا أبوها.
تركها الطبيب وهي غارقة في تفكيرها لا تدري ماذا تفعل، بعد أن قال لها إن لم يأت أبوها صباح اليوم التالي فسوف يتم تسليمها للملجأ بمعرفة الشؤون الاجتماعية.
– إنها طفلة جميلة، حرام أن تكون نهايتها في الملجأ.
وزارة الشؤوة الاجتماعية أصرت أنها لن تصدر لها شهادة ميلاد إلا إذا عُرف أبوها. أغضب هذا الكلام أحد الممرضين فقال للمدير :
– أي ظلم هذا؟ طفلة تفقد أمها وأباها وتحرم من شهادة ميلادها؟
– ماذا نفعل إذا كان مسؤول الشؤون الاجتماعية يرفض ذلك؟
– هذا ظلم
– لماذا لا تقل ذلك لأبيها؟
– أين هو لأقول له ذلك؟
– على كل حال اسمع إن كنت مهتما بها فلماذا لا تسجلها باسمك، وتكسب ثوابا عند الله؟
– ماذا؟
– كما سمعت، يا أخي أنت تحل مشكلة. وبعد فترة لا بد أن يأتي أبوها وتحل المشكلة وتكون قد نلت ثوابك.
– وأكون مدينة لك طيلة حياتي، قالت له الأم
فكر الممرض فريد قليلا وقال للمدير :
– قبلت العرض، تم تسجيلها رسميا باسم الممرض فريد
فوجئ الطبيب والممرضين جميعا صباح اليوم التالي أن سناء اختفت من المستشفى، ولم يعد لها أي أثر.
حمل الطبيب الطفلة وقال للمدير بعد أن حضر للاطلاع على المشكلة:
– هربت الأم، فماذا نفعل؟
– نسلمها للممرض فريد فهو الآن رسميا أبوها
صعق فريد لما جرى، وبدأ يصرخ
– كيف آخذها، لقد اتفقنا لتسجيلها حتى تخرج الأم مع ابنتها، ولكن في هذه الحالة أنا لست مسؤولا.
– لكنك الان أبوها، ولا نستطيع أن نصدر لها شهادة ميلاد جديدة.
– اتصلوا بالشؤون الاجتماعية، وخلصوني من الورطة.
اتصل المدير بالشؤون الاجتماعية، وشرح لهم الموقف، لكنهم قالوا له إن البنت سجلت باسمه، ولا يستطيع أحد أن يغيرها إلا بقرار المحكمة.
– لا إله إلا الله ما هذه الورطة يا رب؟
– اسمع يا فريد لدي اقتراح لماذا لا تذهب لتسلمها إلى ملجأ الأيتام؟
– فكرة رائعة، هيا بنا
انتهى فريد من كل الإجراءات ونقله المدير بسيارته مع الطفلة ليسلمها إلى الملجأ، لكنه فوجئ أن إدارة المستشفى ترفض استلامها.
– لماذا ألستم مؤسسة للأيتام والمشردين؟
– نعم ولكن لسنا ملجأ للذين يريدون التخلي عن أولادهم؟
– لكنها ليس ابنتي، وشرح لها الحكاية. هزت رأسها وقالت
– لكن شهادة الميلاد تقول إنك أبوها، وكيف لي أن أعرف إنك لست أباها؟ أنا أتعامل حسب الأوراق.
– هل تريدينني أن أرسلها لك مع شخص آخر
– ليس الآن فأنا أعرف أنها ابنتك، سأطلب الشرطة إن لم تخرج
خرج فريد يلعن اليوم الذي قبل أن يسجل البنت باسمه، استقل سيارة أجرة، وذهب إلى بيته . دق الباب،فتحت زوجته، نظرت إليه مستغربة، وسألته:
– ما هذا
– طفلة بألف حكاية
– طفلة ؟ طفلة من؟!
– اتركيني أستريح وسأشرح لك كل شيء.
تركته زوجته بعض الوقت يستريح ثم قالت بعد أن سمعت قصتها:
– قصة غريبة، وهل تعرف أين تسكن أمها؟
– لا لا أعرف
– وكيف تقبل أن تأتي بها وأنت تعرف حالنا؟ هل جننت يا فريد؟
– قلت لك لم أكن أعرف أنني سأتورط بها.
– اسمع لا أصدق تخاريفك، مجنون يحكي وعاقل يسمع
– ماذا تقصدين؟
– أنت تعرف ماذا أقصد، هذه ابنتك من زوجتك السرية، أو من بنت حرام رفضت أن يكشف أمرها فجئت بها هنا وألفت الحكاية. أتعتقد أنني مجنونة أصدق أكاذيبك، شهادة الميلاد تقول أنك أبوها...
– يا بنت الحلال شرحت لك ماذا حصل
– يا سلام هل تعتقد أنني صدقتك، بنت وشهادة ميلاد وأمها ضايعة.
– ما رأيك أن تأتي غدا للمستشفى للتأكد من الممرضين والطبيب ومدير المستشفى.
– طبعا كلهم أصحابك ، أكيد اتفقت معهم يحكون نفس الحكاية، كنت أتساءل لماذا كنت مشغولا ليلة الأمس، يبدو أنك كنت تفكر كيف ستتخلص من الورطة، لكن ربك كشفك.
– خلصينا من وساوسك وسوف أعيدها غدا إلى المستشفى
ما إن جاء الصباح حتى حملها وذهب للمستشفى، ودخل مباشرة إلى غرفة المدير:
– دخيلك أريد إعادة الطفلة إلى المستشفى، وشرح له الحكاية
– يا فريد الأمر ليس بتلك السهولة
– لكنها ليست ابنتي
– صحيح وأنا أشهد بذلك لكنها الان سجلت باسمك فلا استطيع أن أستلمها منك، هذه مسؤولية قانونية
– ما العمل إذن؟
– اذهب للشؤون الاجتماعية واشرح لهم ذلك
– لن أذهب إلا معك لأنك ورطتني
وافق المدير وذهب معه للشؤون الاجتماعية
سمع مدير الشؤون الاجتماعية الحكاية، فهز رأسه قائلا
– تصلح أن تكون فلما
– متى تغيرون شهادة ميلادها وتحذفوا اسمي منها؟
– من قال لك أن باستطاعتنا أن نحذف اسمك من شهادة الميلاد، هذه جريمة، شهادات الميلاد متى صدرت لا تحذف
– لن تحذف؟ دخيلكم، احك شيئا يا مدير
– اهدأ قليلا لنعرف ما هو المطلوب، قال له المدير
– اسمع يا فريد: قال مدير الشؤون الاجتماعية، ثم أكمل : ليس أمامك إلا حل واحد
– ما هو
– أن تذهب للمحكمة وتطالب بتصحيح الوضع
رفع يديه على رأسه وبدأ بشد شعره
– أنا حمار ابن حمار لماذا أشفقت على الطفلة، ثم رفع يديه للسماء وقال: يا رب أهذا جزاء من يعمل خيرا؟؟
– هدئ من روعك يا فريد . قال له مدير المستشفى، سأساعدك في مصاريف المحامي لا تقلق
– ومتى نستطيع التوجه للمحكمة؟
– منذ الغد لكن
– لكن ماذا؟
– الجلسة قد تبدأ بعد أشهر وربما بعد سنة
– بعد سنة؟ وأين ستكون البنت خلال تلك الفترة؟
– طبعا عندك لأنك الآن المسؤول عنها، يعني لو ماتت أنت المسؤول.
بدأ يرقص مثل المجانين
– أنا حمار ابن حمار، أنا حمار ابن حمار
ضحك المديران، وقال له مدير الشؤون الاجتماعية
– يارجل أكمل معروفك، ليس أعظم عند الله من رجل يرعى اليتيم وهذه طفلة يتيمة قد أرسلها الله لك لتقودك للجنة.
– الجنة؟ بسيطة أنا متنازل عنها ما رأيك أن تأخذها لتربيها حتى موعد المحكمة؟
– لا يمكن فأنت رسميا أبوها حتى هذه اللحظة.
– وكيف تقتنع زوجتي أنها ليست ابنتي، كيف سأقنعها الان بعد عودتي بها؟
حمل البنت وقال في نفسه، ورطت نفسي وعلي أن أتحمل المشكلة، هذا درس لن أنساه أبدا.
وصل البيت دق الباب فتحت زوجته فرأته عائدا بالبنت، صرخت به قائلة: عد بها من حيث جئت بها.
إما أن تعيدها لأمها أو تطلقني الآن.
فكر بالموضوع، وقال في نفسه، لو طلقتها فمن يربي الأولاد؟ وكيف سأذهب للعمل؟ حمل البنت مرة أخرى وخرج بها لا يعرف ماذا يعمل، ظل يسير في الشوارع لا يدري إلى أين، أنهكه التعب، جلس على الرصيف، بدأت البنت تبكي لم يكن معه أي شيء يطعمها، لم يعرف ماذا يعمل لها، بدأ يبكي مثلها، رق بعض المارة عليه فرموا له بعض القروش صدقة ظنا منهم أنه شحاذ. نظر إليهم وهز رأسه.
فجأة مر به صديق يعرفه، صافحه وسأله
– لماذا تدور في الشوارع مع ابنتك؟ هل زوجتك مريضة؟
– لا ليس كذلك وشرح له الحكاية.
نظر إله صديقه بعد أن رق لحاله وسأله:
– هل جربت أن تعطيها لدار الأطفال اللقطاء؟
– حاولت فقالوا أنت أبوها ولم يصدقوني.
هز صديقه رأيه وقال له:
– لماذا قلت لهم إنك أبوها؟
– وماذا أقول لهم؟
– قل لهم أنك وجدتها في الشارع
– وهل سيصدقوني؟
– ليس المهم أن يصدقوك، المهم أن تتخلص منها، ما لك ولها، هل تريد أن تربي أولاد حرام يا رجل؟
اقتنع فريد بكلام صديقه ورجاه أن يسمح له بالمبيت ليلة واحدة عنده حتى صبيحة اليوم التالي، فذهب على الفور إلى إحدى الجمعيات التي ترعى الأطفال اللقطاء، وقال لهم أنه وجد هذه الطفلة أمام بيته.
رحبوا به وسجلوا كافة المعلومات الضرورية، وفجأة رفعوا سماعة الهاتف واتصلوا بالشرطة، سألهم
– لماذا الشرطة؟
– إجراءات ضرورية، فقد تكون الطفلة ضائعة من أهلها ويبحثون عنها، أو قد تكون مسروقة من أهلها، أو أي شيء آخر، يجب أن تقرر الشرطة أن لا أهل لها حتى نرعاها.
– حسنا أنا أستأذنكم
– لا تترك المؤسسة حتى تأتي الشرطة وتعطيهم إفادتك أين وجدتها
– لا لا أحب أن أرى الشرطة، أنا مجرد فاعل خير، سأذهب.
– لا تذهب ستكون مسؤولا عن ذلك.
–
لم يرد عليهم، غادر الجمعية بسرعة، وبينما كان يسير في الشارع ينتظر سيارة أجرة تقله من المكان لينهي مأساة ظلت عالقة في رقبته، فإذا بسيارة الشرطة تصل، فخرجت إحدى الموظفات وأشارت بيدها إلى فريد، فلحقه أفراد الشرطة بالسيارة، وعندما عرف أنهم يطاردونه هرب إلى شارع مجاور فلحقوا به سيرا على الأقدام، وهددوه إن لم يتوقف، لكنه ظل يركض من زقاق إلى زقاق، وأخيرا قرر أن ينتقل للرصيف الآخر حتى يهرب منهم فقفز إلى وسط الشارع بسرعة ليقطعه لكن سيارة مسرعة من الاتجاه الآخر ضربته فأردته يتخبط تحت عجلات السيارة.
توقف السير فجأة على هذا المنظر الرهيب، وفورا طلب أفراد الشرطة سيارة الإسعاف، التي حضرت بعد فترة قصيرة، فحصوه، فإذا به قد فارق الحياة. بحثوا عن اسمه في جيب سترته فلم يجدوا سوى 3 دنانير وستون قرشا.
في صبيحة اليوم التالي كانت صورته في صحف الصباح، تطلب من أهله أن يتصلوا بالمستشفى للتعرف عليه.
قصة مؤثرة جدا والضحية فاعل الخير ولكنه عله خير وعند الله لا يضيع شيء ولا تدري ما حكمة في ذلك ولكن اكرر واقول عله خير واما أيتها الأم أو بأصح التعبير يا أيتها الزانية اقول لك هداك الله وكما تدين دان والله يهمل ولا يهمل
فيا أيها فاعل الخير لا تقلق واعط بلا حدود ولا تنتظر الأخذ