لقراءة القسم الأول من الحوار انقر أدناه
http://www.adelsalem.com/spip.php?article177
– يقال إن السياسة تفرق العرب ولكن الثقافة توحدهم، ما رأيك بهذا القول؟
– الدكتور أحمد الخميسي: السياسة التي تفرق العرب في لحظات ، هي أيضا التي توحدهم في لحظات أخرى . انظر مثلا موقف الشعوب العربية في كل مكان من العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 . انظر الحركات الجماهيرية المؤيدة بعنف لحق مصر حينذاك في سوريا ولبنان وغيرها . كذلك لا يمكن إنكار أن الوضع الفلسطيني يحشد حوله طاقات الجماهير العربية بغض النظر عن مواقف الأنظمة . الثقافة أيضا ، كما أنها توحد ، فإنها قادرة أيضا على أن تفرق . وعلى سبيل المثال ، كان هناك في الثقافة والصحافة العربية عامة في كل الدول العربية خطان مختلفان بالنسبة للموقف من المقاومة اللبنانية للعدوان الإسرائيلي الأخير، خط يرى تأييد المقاومة ، وآخر يجرمها . نحن إذن إزاء عمليتي توحيد ، وتفريق في اللحظة ذاتها .
– الدكتورة ماجدة الحمود: الثقافة هي الحصن الوحيد الذي يحمينا من التشتت، هي التي توحدنا، إذ مازالت همومنا واحدة ومشاعرنا واحدة من المحيط إلى الخليج!
– الدكتور إدريس مقبول: الذي يوحد الناس ليس هو الثقافة أو السياسة، وإنما رغبتهم في تجاوز الخلافات الهامشية المحكومة بأنانيات فردية أو جماعية مستبدة ومستعلية.الذي يوحدهم هو تربية صوفية إحسانية ترتكز على إنكار الذات في سبيل تحقيق الصالح العام..
– الأديبة نجمة حبيب: السياسة وأنا أعني بالسياسة هنا الموقف المبدأي(ئي) من قضايا الامة وليس الموقف الطارئ المحتكم بظرف أو شخص. من هذا المفهوم يجب ان يفرقنا الادب كما تفرقنا السياسة، لأن مواقفنا الادبية هي تعبير عن مبادئنا ورؤيتنا للحياة. فكيف يمكن أن يجمعك جامع مثلاًً إن كنت عروبياً وناصرياً مع الساداتيين والفرعونيين؟ هل يمكن أن يلتقي خليل حاوي وسعيد عقل مثلاً؟ لو حصل وتم لقاء فإنما هو لقاء مجاملة و"بوس لحى" على حد قولنا العربي. لذا الصحيح هو أن نفترق بالادب كما نفترق في السياسة
– الشاعر كمال اليماني: لا يكون هذا الكلام صحيحا إلا في حالتين :
أن نتحدث عن ثقافة محايدة نادرة الوجود ، أو أن يكون حديثنا عن مثقفين ذوي مشارب متقاربة
, إذ أن الثقافة مناهل ومشارب متعددة .
وهي قد لاتكون في حدة إختلافها كالسياسة ، ولكنها أيضا ليست نسيجا واحدا .
– الأديبة ياسمينة صالح: أعتقد أن كل شيء صار يفرق العرب بما في ذلك الدين و لا أعني الدين الإسلامي الخير الذي صنع أفضل أمة أخرجت للناس، بل أعني كثرة التأويل في الدين و كثرة البحث عن الانشقاقات و اللا حوار. ما يجري أننا فقدنا أسباب الالتقاء حين فقدنا القدرة على التفاهم، و على الاقتناع أننا فعلا خير أمة أخرجت للناس تنهى عن المنكر و لا تشجعه و تبيحه باسم العري الذي نراه على الفضائيات العربية !
– هل الخلافات العربية الرسمية تساهم في الحد من التعاون الثقافي العربي من مختلف الأقطار العربية؟
– الدكتورة ماجدة الحمود: الثقافة فعالية تابعة في وطننا العربي للسلطة، لهذا حين تتوتر العلاقة السياسية تنعكس سلبا على العلاقات الثقافية، من حسن الحظ أن الأنترنيت لا يخضع لمثل هذه السلطات، لهذا بات يقرب بيننا رغم أنف الحكام!
– الدكتور أحمد الخميسي: ليست الخلافات السياسية وحدها هي التي تحد من التعاون الثقافي ، هناك أيضا حالة الجهل . وعلى سبيل المثال قد تجد أن هناك دولتين أو قطرين يسود بينهما تفاهم سياسي عميق ، ومع ذلك لا يلقى التعاون الثقافي أي اهتمام . المسألة ليست فقط خلافات سياسية ، بل حالة عدم تقدير للثقافة ودورها ولأهمية التعاون .
– [(الأديبة ياسمينة صالح: أجل، أعتقد أن المثقف رهين مزاج الساسة. فحين تكون مصر راضية عن الجزائر مثلا، يكون ثمة أسبوع ثقافي مصري في الجزائر، و حين ترضى الجزائر عن المغرب يشارك المثقفون الجزائريون رسميا في مهرجاناتها الثقافية. فكيف تسمي ذلك؟ أنا أسميه "بلطجة" سياسية على الثقافة!)]
– الشاعر كمال اليماني:وهل في ذلك شك ؟إنها تساهم من الحد من التعاون العربي في كل الأوجه ، وعل كافة الأصعدة ، فليس التعاون الثقافي سوى أحد هذه الأوجه .
– الأديبة نجمة حبيب:هذه الخلافات سلاح ذو حدين فهي في أحيان كثيرة نعمة على الادب لا نقمة. فكم من أديب ومثقف أفادته هذه الخلافات! طبعاً أنت لا تزال تذكر كم من الادباء والمثقفين العراقيين المختلفين مع نظام صدام حسين لجأوا الى سوريا وكم في المقابل من المغضوب عليهم من نظام حافظ الاسد لقوا ملجأً في العراق. إلا أن هذا الفيتو الذي تضعه كل دولة على كتاب دولة أخرى يغيب الكثير من الوجوه الادبية المبدعة عن المشهد العام، ولكن، ويا لشماتتي بهم، فإن عصر الانترنت قلص من نفوذ الحكومات وأقام جسراً ثقافياً بين الادباء رغم أنف سلاطينها المتناحرة.
– الدكتور إدريس مقبول: هذا من غير شك، فكم من بلد انقطعت أواصر مثقفيه بسبب انقطاع الصلات الرسمية بين البلدين المتخاصمين، الثقافة جزء من السياسة بمعنى الممارسة الفعلية، والسياسة جزء من الثقافة بمعنى النظرية العامة. فالثقافة سياسة والسياسة ثقافة. ولا يمكن الفصل بينهما.والذي ينبغي أن يكون هو مسافة بين الثقافي والسياسي تسمح للقلم أن يدبر شؤونه ومواقفه بعيدا عن حسابات السيف وضغوطاته. وهي مسألة فك ارتباط صعبة لكنها ممكنة.لأن مطلوبات القلم غير مطلوبات السيف.
– ما رأيك بالكتاب العرب بشكل عام، هل هم صوت شعوبهم أو صوت حكامهم؟
– الدكتور إدريس مقبول: الكتاب العرب أنواع منهم السابح في سماوات الخيال فهذا بعيد مبعد لا رجاء فيه، ومنهم السابح في فلك السلطان فهذا ثعلبان لا أمان له، ومنهم السابح في مستنقعات الشعوب فهذا يعيش فقيرا ويموت فقيرا.
– الدكتورة ماجدة الحمود: أعتقد أن الأدب العربي يشهد نهضة حقيقية في مجال التعبير عن هموم الإنسان، قلما نجد أدبا منتشرا بين الناس يدبج المديح للسلطة، قد نجد بعض الشعراء الذين يتملقون لكننا في مجال الرواية والقصة هناك نوع من التحدي والكشف عن بؤس الإنسان العربي البسيط الذي هو الصانع الحقيقي للتاريخ.
– [(الدكتور أحمد الخميسي:
هناك كتاب حقيقيون ، بمعنى أنهم كتاب موهوبون ومثقفون ، وهناك أشباه كتاب ، وأشباه الكتاب هم مجرد تقليد باهت لا يرقى ليكون صوت شعوب أو صوت حكام ، إنها مجرد حالة زائفة ، والأغلب أن الزيف يدفع أصحابه إلي دوائر السلطة .)]
– الأديبة نجمة حبيب: في كل زمان ومكان هنالك من يمالئ وهنالك من يواجه . هنالك من يختار الطريق السهل ومن لا تهون عليه نفسه فيختار المواجهة مهما كان ثمنها غالياً. أحيلك على رواية "كتبت خطاً في الرمال" لهاني الراهب ففيها الجواب الشافي بل المؤلم على سؤالك. هذه الرواية القاسية كمبضع الجراح كشفت عورتنا، بينت كيف تباع وتشرى المناصب والدرجات العلمية على مائدة البترودولار, وكيف يهمش المبدع الحق صاحب الموهبة ويعاني أقصى درجات الفقر لانه لا يمالئ ولا يتزلف ولا يبيع ضميره أو إبداعه في سوق النخاسين. إلا انني بوجه عام أفخر واتألم لحال أدبائنا (وهم كثر) الذين اختاروا المواجهة، فهؤلاء حربهم ليس مع السلطة السياسية فقط بل الدينية المتزمتة والوطنجية أيضاً. ولعل ما يثقل على الادب في هذه الايام هي التابوهات الاجتماعية والدينية. موجات التكفير الملعلعة ضد كل فكرة تنويرية مهما كانت متواضعة. صرعة العصر هذه تكسر قلم الكاتب وقلبه وتخنق ابداعه. وهي أيضا المسؤولة عن هجرة المثقفين والمبدعين خارج أوطانهم. سقى الله زمناً كان الحاكم وحده عدو الكاتب يكفي ان يهرب من عاصمة عربية الى أخرى ليدرأ شره
– الشاعر كمال اليماني:هم يتأرجحون بين هؤلاء وأولئك , ومنهم فئة أخرى لاهي منتمية إلى هذه الفئة ولا إلى تلك ، إذ أنها تمثل نفسها فلا هي بالتي تكتب ماتشتهيه السلطة ، ولا هي بالتي تأبه لما هو عليه الشعب .
– الأديبة ياسمينة صالح: الكاتب العربي يحتاج إلى أن يكون أحيانا صوت الحاكم ليحمي نفسه من الجوع، أو السجن. و حين يغير مساره يصير معارضا و خطيرا ! مع ذلك أنا من المؤمنات أن ثمة أدباء يكتبون خارج السرب، أو بعيدا عن القطيع المنساق إلى بيت الطاعة السياسية بلك ما تحمله من فضائح و فظائع راهنة !
– المواطن العربي غير قارئ، وهذا أحد أسباب تخلفنا، فما هي أسباب ذلك حسب وجهة نظرك؟
– الأديبة ياسمينة صالح: عدد الأميين في دولة واحدة من الدول العربية (كالجزائر او السودان) يوازي عدد سكان سويسرا، في الجزائر أو المغرب أو تونس أو موريتانيا أو دول مشرقية أخرى تزور أرقامها الحقيقية لتتظاهر أنها تجاوزت خطر الأمية مع أن الواقع يقول العكس. أسباب الأمية تكمن في أن السياسة الراهنة تتعارض مع العلم، لأن العلم وحده معارضة. أن تتعلم معناه أن تبني لنفسك قيمة تتعارض مع تلك القيمة التي يدافع عنها بعض الحكام في بيعهم للشرف العربي بهذا الاستسهال، و لهذا أحسن الطرق بنسبة لهؤلاء هو أن يقودوا شعبا أميا لا يعرف القراءة (كي لا يقرأ الجرائد) و لا يستوعب السياسة (كي لا يطالب بحقوقه) و كي لا يسأل مولود جزائري يولد الآن، في هذه الساعة بالضبط لماذا هو مدين لصندوق النقد الدولي ب2000 دولار و هو خارج من بطن أمه للتو؟
– الدكتور أحمد الخميسي: المواطن العربي غير قارئ ، لأنه محروم من ذلك ، وأنا في مصر أرى كيف يقف الناس أمام باعة الصحف يقرأون عناوين الصحف دون أن يستطيعوا شراء صحيفة واحدة . كيف يمكن للمواطن أن يكون قارئا ؟ فقط إذا وفرت له ظروف حياة كريمة . عندنا في مصر يعاني 30 % من تلاميذ المدارس من الأنيميا ، ولدينا 18 مليون أمي في عصر الكوكبة والاستنساخ والمعلومات، وعشرة ملايين شخص يعاني من البطالة ، علاوة على 12 مليون مصري يعيشون مع الموتى في المقابر بالمعنى المباشر للمقابر ، أي في الأبنية التي بناها البعض لتكون مدفنا ، في مقابر البساتين والإمام الشافعي وباب الوزير . هل يمكن أن نتهم هذا المواطن بأنه غير قارئ ؟ وبماذا سيتهمنا هو ؟ إن قائمة الاتهامات لدي غير القراء أطول من قائمة عتابنا عليهم لأنهم لا يقرأون !
– الدكتورة ماجدة الحمود: هناك أزمة قراءة في مجتمعنا العربي، الكل مسؤول عنها، الوضع الاقتصادي، الوضع التعليمي، وسائل الإعلام...الخ
– [(الدكتور إدريس مقبول: التخلف لا يكون بالضرورة من طريق ترك القراءة، فكم قارئ متخلف، إذا ترك دوره في الحياة وعاش بغير هدف ومن غير رسالة. التخلف الحقيقي تخلف عن تحقيق الذات بالإيجابية والخير في سبيل الآخرين، التخلف أن تعيش لنفسك وأنانيتك، أن تعيش للذاتك وسرورك ولو على حساب الآخرين. التخلف انعدام ضمير وموت أخلاق، وكم من قارئ ليس له مما يقرأ إلا تعب القراءة وتأثيث الذهن بما قيل وقالوا. وهذا لا ينفي أن للقراءة مدخلا في التخلف ولكنه لا يرتبط بها ارتباطا سببيا ضروريا، والمواطن العربي في الواقع يحال بينه وبين ما يرفعه من وهدته بتعريفه حقوقه وإنهاضه لطلبها. فالمصلحة الخاصة السياسية تقتضي تركه هملا جهولا.وصدق الشاعر أحمد مطر شافاه الله وعافاه حين قال: إثنان في أوطاننا يخافان من يقظة النائم، اللص والحاكم.)]
– الأديبة نجمة حبيب: اعتقد ان السبب الرئيسي هو انهماك الانسان العربي بالهموم اليومية والاحباط الاجتماعي والسياسي الذي يجعله يتساءل عن فائدة كل ما يكتب وبنظر له إذا كانت النتيجة هي ذاتها . ثم يأتي بعدها ضيق ذات اليد. فكيف لأب أن يشتري كتاباً او حتى جريدة يومية إن كان ما يكسبه لا يسد الحاجات الضرورية لعائلته؟ ثم تأتي نسبة الامية التي قالت الاحصاءات العالمية أنها تصل الى 65% بين سكان العالم العربي
– الشاعر كمال اليماني: أرجعت ذلك في إجاباتي السابقة إلى الأمية الأبجدية ، وكذا الأبجدية الثقافية ، والبحث عن الطريق السهل للحصول على المعلومه دون تعب وذلك عبر الفضائيات .
ولكل هذا أسبابه التي لاتنفصم عن التخلف السياسي والإقتصادي والإجتماعي ،
فللدولة نصيبها منه ، وللأسرة نصيبها أيضا وكذا المدرسة والنوادي ألخ من المؤسسات ذات العلاقة .
– كيف ترون الوضع الثقافي في بلدانكم الآن؟
– الأديبة ياسمينة صالح: في الجزائر بعبارة مختصرة : كارثيا !
– الدكتور أحمد الخميسي: في مصر سلبي ، وسئ ، ويتحرك كبدن بدون رأس ، وأقلام قليلة فقط توحي بالأمل الأدبي والفني والاجتماعي .
– الدكتورة ماجدة الحمود: ثمة محاولات كثيرة لإنقاذ ماء وجه الثقافة في سورية، كتب شهرية تصدر مع بعض الصحف اليومية، معارض للكتب بأسعار زهيدة، لكن الأزمة الثقافية تعلن عن نفسها، حين تنتج سورية خمس وأربعين مسلسلا تلفزيونيا، في حين نجد قاعات المحاضرات والندوات تخلو من الجمهور، حين نرى طلاب الجامعة يهربون من القراءة مهمومين بالعلامة والنجاح لا بالمعرفة والتطور!
– الدكتور إدريس مقبول: القبلة عندنا على العموم نحو الشمال، لكن هذا لا يمنع وجود اختيارات أخرى استطاعت التخلص بقوة تكوينها وعزيمتها من هذا التوجه الثقافي الرسمي الرديء وذلك بشق طريقها منفتحة على العالمي والكوني منتخبة من الإرث الإنساني ما يسمح لها بالإبحار بعيدا عن قيود الفرنكفونية أو حتى الإنجلوساكسونية، هي في النهاية إطارات لا ينبغي أن تكون آسرة. اما عن الكتابات فنسبة ما يكتب بالعربية أكثر من غيره. غير أن العبرة ليست باللسان الحامل بل بالمضامين المحمولة، أي بالمدلول لا بالدال. وهنا يجدر بنا التنويه بما يكتبه (غزالي العصر)الدكتور طه عبد الرحمن من أعمال تجديدية بالعربية في الفلسفة العربية وحبذا لو وجدت من يقوم لترجمتها فهي مما ينبغي تعريف الآخرين به.
– الشاعر كمال اليماني: أرجعت ذلك في إجاباتي السابقة إلى الأمية الأبجدية ، وكذا الأبجدية الثقافية ، والبحث عن الطريق السهل للحصول على المعلومه دون تعب وذلك عبر الفضائيات .
ولكل هذا أسبابه التي لاتنفصم عن التخلف السياسي والإقتصادي والإجتماعي ،
فللدولة نصيبها منه ، وللأسرة نصيبها أيضا وكذا المدرسة والنوادي ألخ من المؤسسات ذات العلاقة .
– الأديبة نجمة حبيب: اعتقد ان السبب الرئيسي هو انهماك الانسان العربي بالهموم اليومية والاحباط الاجتماعي والسياسي الذي يجعله يتساءل عن فائدة كل ما يكتب وبنظر له إذا كانت النتيجة هي ذاتها . ثم يأتي بعدها ضيق ذات اليد. فكيف لأب أن يشتري كتاباً او حتى جريدة يومية إن كان ما يكسبه لا يسد الحاجات الضرورية لعائلته؟ ثم تأتي نسبة الامية التي قالت الاحصاءات العالمية أنها تصل الى 65% بين سكان العالم العربي
– هل يمكن القول أن المرأة قد ساهمت بالحركة الثقافية العربية وأصبحت تنافس الرجل؟
– [(الدكتورة ماجدة الحمود: نعم بدأت المرأة تسهم في الحركة الثقافية العربية، لكن منافسة الرجل أمر آخر، مازال التخلف والمواضعات الاجتماعية المتخلفة تخنق الكثير من المواهب، لكن هذه التحديات باتت تصنع أصواتا نسائية متميزة على مستوى الوطن العربي والعالم باعتقادي!)]
– الدكتور أحمد الخميسي: بالطبع ساهمت المرأة في الحركة الثقافية الحديثة منذ نشأة الحركة ، وهناك كاتبات عظيمات مجهولات تقريبا قمن بدور ريادي في الرواية مثل قوت القلوب الدمرداشية ولها روايتان صدرتا عام 1940 وماحوله من أجمل ما كتب ، وللعلم فإن أول جائزة فاز بها نجيب محفوظ كانت الجائزة التي خصصتها هذه السيدة للأدب . أما أن تنافس المرأة الرجل أو لا تنافسه ، فهي مسألة غير مطروحة ، المطروح التكامل وليس التنافس .
– الشاعر كمال اليماني: أن تكون المرأة قد ساهمت في الحركة الثقافية العربية فهذا مما لا شك فيه ، لاسيما في النصف الثاني من القرن الفارط ، وما مضى من سنوات القرن الحالي ، أما أن تكون قد نافست الرجل في ذلك ، فأظن أن المرأة نفسها لاترى هذا ، وأنا هنا أتحدث عن مجمل مأانتجه الرجل وماأنتجته المرأة إذ أن في الساحة الأدبية والثقافية نساء ينافسن الرجال ولكنهن لا يشكلن ظاهرة بعد .
– الأديبة ياسمينة صالح : ما معنى تنافس الرجل؟ ليس عندي مكان لهذا التعبير فأن تكتب المرأة فهو بحد ذاته أداء جميل و رائع، و قد كتبت نساء قبلنا و نكتب و سيكب بعدنا أيضا و مع ذلك راهن اليوم ثقافيا بهذا الانهيار، و راهن اليوم سياسيا بهذا التردي. الإشكالية في نظري أبعد من السؤال عن منافسة المرأة للرجل في مجال الكتابة بل الإشكالية في منافسة التردي لهما معا.
– تلاحظ في الفترة الأخيرة حركة هجرة واسعة للكثير من المثقفين العرب من بلدانهم، ومن هناك يكتبون عن الوطن، أليس في ذلك تناقض؟
– الدكتور أحمد الخميسي: لا يمكن النظر إلي موضوع هجرة المثقفين بشكل مطلق ، وينبغي النظر إلي كل حالة على حدة للحكم عليها . مثلا هل كان من الممكن أن نلوم الكتاب الروس الذين هاجروا بعد حكم ستالين في روسيا وتنكيله بالأدباء ؟ . الذين اجترحوا معجزة البقاء داخل روسيا مثل ميخائيل بلجاكوف ، ظلت أعظم أعماله وهي رواية " المعلم ومرجريتا " ممنوعة من النشر لربع القرن !! . هاجر أديب عظيم مثل بونين ، وكتب في باريس أشياء عظيمة أضافت للأدب الإنساني الكثير . أيضا بعد وصول أنور السادات إلي الحكم في مصر حدثت موجة هجرة إلي الخارج من قبل مجموعة كبيرة من الكتاب المعروفين ، إلي أي درجة يمكن لومهم ؟ . في اعتقادي الشئ الأساسي يظل هو هل يواصل الكاتب عمله في الخارج ؟ هل يواصل خدمته لقضايا بلاده ؟ . هذا كله لا ينفي أن الهجرة تضعف صلة الكاتب بالواقع الذي يعرفه ويحاول التعبير عنه .
– الدكتورة ماجدة الحمود: ليس هناك أي تناقض فحين نرحل بعيدا عن الوطن، يعيش معنا في أي مكان، لهذا نجد أكثر الكتاب والشعراء السوريين المشهورين عاشوا في الغرب وخدموا قضايا أمتهم كما لو كانوا يعيشون في بلادهم (نزار قباني، غادة السمان، زكريا تامر..)
– الدكتور إدريس مقبول: في الهجرة مندوحة للمغلوبين ينفسون فيها عن مكنونات صدورهم.، وقديما قالوا الحركة ولود والسكون عاقر. ولله در الشاعر -لم أذكر اسمه - حين قال:
وإذا البلاد تغيرت عن حالها فدع المقام وبادر التحويلا
_ ليس المقام عليك فرضا واجب في بلدة تدع العزيز ذليلا
– الشاعر كمال اليماني: لا أرى في الأمر ولو شبهة تناقض ، فالكل يعرف أن مثقفينا عموما لايلجأون إلى الهجرة إلا مجبرين ،
تدفعهم إلى ذلك دفعا الظروف السياسية التي ترزح تحتها كثير من بلداننا العربية، أو أنهم يفعلون ذلك تحت وطأة الحاجة الإقتصادية ، والمثقفون عموما ليسوا بدعا بين الناس ، بل ربما كانوا هم الأكثر تعرضا للظروف الطاردة ، فهل عليهم أن يرحلوا ويتركوا أوطانهم وراءهم ؟!!.
– الأديبة ياسمينة صالح : أنا من الناس الذين يؤمنون أن جمال الوطن من الخارج ! حين تركب طائرة ترى الوطن جميلا و تبكي عليه. و حين تعود تقول" يخرب بيت ها الوطن" و بين هذا و ذات يبقى حب الوطن عن بعد أجمل من الموت فيه عن رعب، بالمعنى الذي يفهمه الحاكم.
– دائما نسأل السؤال الروتيني المعروف: كيف نخرج من هذه المحنة، ونرتقي بالحركة الأدبية والثقافية العربية؟
– الدكتور أحمد الخميسي: الخروج من محنة الثقافة العربية وأزمتها غير ممكن من دون مشروع للنهضة ، مشروع للتحرر ، يكون بحاجة إلي كتابة وثقافة ومتعلمين ، مشروع يعتمد على الجانب الاجتماعي أي بإعادة تقسيم الثروة بين السكان بالعدل .
– الدكتورة ماجدة الحمود: الاهتمام بالإنسان، بالجانب الروحي لديه والجانب المادي معا، لا يكفي أن نهتم بتطوير الزراعة والصناعة(وهذا ما لا نحاوله) علينا أن نرتقي بهذا الإنسان الذي هو أساس أية نهضة حقيقية، انظروا إلى التخلف التعليمي في مدارسنا وجامعاتنا، لتروا أن أي تخلف نعيشه اليوم هو نتيجة طبيعية لإهمالنا لكل ما يرقى بروح الإنسان وبعقله!
– الدكتور إدريس مقبول: لإصلاح الشأن الثقافي مدخلان هما: السياسة والاجتماع، وإذا لم ينصلح أمر الركنين لم يساوقهما انصلاح الركن الثقافي، لأنه مؤثر ومتأثر في آن واحد. والسياسة والاجتماع مرجع صلاحهما بتثبيت العدل والأمن في الناس، فلا إبداع بلا حرية ولا حرية بلا عدل ولا أمن. والظلم قبر الإبداع، والإرهاب سمه القاتل.
– [(الشاعر كمال اليماني: لا بد من نهضة شاملة اقثصادية، وصناعية، وتقنية ، وفكرية، لابد من إيجاد رؤى واضحة تستشرف المستقبل العربي ، ولابد من تفعيل دور الإتحادات العربية، وكذا المنظمات الحكومية وغير الحكومية ودعم الكتاب والناشرين وتفعيل دور الجامعات والمعاهد والمدارس ، ووضع الخطط التي تضمن النهوض بالمجتمع , وقبل كل هذا لابد من وجود إرادة سياسية تقف وراء كل ماذكرت .)]
– الأديبة ياسمينة صالح : دونما إمكانيات من الصعب فعل أي شيء. من الصعب الحديث عن التغيير دون إمكانيات بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
– اتحاد الكتاب العرب في دمشق هل يقوم بدوره على الصعيد الثقافي العربي؟
– الدكتور أحمد الخميسي: لا أعتقد ، ولو أني أعرف أن هناك رئيسا جديدا للاتحاد هو د . حسين جمعة ، لعله يستطيع أن يغير من كساد الاتحاد في السنوات السابقة .
– الدكتورة ماجدة الحمود: ثمة رغبة في أن يقوم الاتحاد بدوره الثقافي، لكن على صعيد الفعل لم يستطع إلى الآن أن يكون حركة فاعلة في المجتمع!
– الدكتور إدريس مقبول: ليست لدي معلومات دقيقة وشاملة، لكن اطلاعي على الموقع الإلكتروني يشي بأنه أحسن حالا من كثير من الاتحادات على الأقل فيما يشرف عليه من نشر للأعمال الثقافية المهمة. ودمشق كانت دائما موئل الأدب ومنبع العلم والثقافة.غير أن المأمول هو تحقيق دور ثقافي أكبر في إصلاح الشأن العام العربي والإسلامي
– [( الأديبة نجمة حبيب: برأيّ المتواضع، أن نظاماً يسجن أدباءه لا يمكن ان يسمح لاتحادهم أن يقوم بدوره. وسواء كان مقر هذا الاتحاد دمشق او القاهرة او عمان او الرياض أو أي عاصمة عربية أخرى فهو لن يستطيع ان يطير لأنه مقصوص الجناحين وليس جناحاً واحداً كما في التعبير الشائع)]
– الشاعر كمال اليماني: أراه قد انطبق عليه مايردده الناس في مثل حال كهذه (ليس بالإمكان أبدع مما كان)
– هل أنت عضو في اتحاد كتاب؟
– الدكتور أحمد الخميسي: أنا عضو في اتحاد كتاب مصر ، لكنني لست عضوا في اتحاد الكتاب العرب رغم أن لي كتابا صادرا عن مطبوعات الاتحاد ، لكنني تلقيت مؤخرا دعوة كريمة من بعض أعضاء هيئة الاتحاد للانضمام إليه .
– الدكتورة ماجدة الحمود: نعم
– الدكتور إدريس مقبول: لا أنا باليميني ولا باليساري، وعندنا في المغرب اتحادان للكتاب لا يدخلهما إلا من كان من هؤلاء أو هؤلاء،لأنهما ملحقتان بالمقاولة الحزبية (الاستقلال/الاتحاد الاشتراكي)
أنا عضو في منتدى الحكمة للباحثين والمفكرين، وعضو في مركز ابن رشد للبحث العلمي. وعضو بالجمعية المغربية للبحث العلمي ، وهي كلها هيئات علمية وبحثية مستقلة.
– الأديبة نجمة حبيب: لا. . . لا. . . جازمة قاطعة. ولا أعتقد أنني سأكون يوما. فاتحاداتنا وتجمعاتنا، على ما بدا لي، هي على قياس نظمنا الاستبدادية
– الشاعر كمال اليماني: أنا عضو اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين
– الأديبة ياسمينة صالح : كنت و انسحبت للأسباب التي شرحتها في كلامي السابق
– ما الكتاب الذي تقرأه الآن؟
– الدكتور أحمد الخميسي: أقرأ كتاب " خرافة التقدم والتأخر " للدكتور جلال أمين ، وهو أحد ألمع كتابنا ، وله كتاب معروف أحدث ضجة هو " ما الذي حدث للمصريين ؟ " .
– الدكتورة ماجدة الحمود: كتاب الاعتبار لأسامة بن منقذ
– الدكتور إدريس مقبول: كتاب الله الذي أجد فيه ما لا أجده في غيره ، وكتب مفتوحة أرجع إليها لأنه ليس من عادتي قراءة كتاب واحد دفعة واحدة أحاول أن أراوح بين أكثر من كتاب حتى لا يتطرق الملل إلى نفسي: فأنا أنتقل من المسيري في اللغة والمجاز إلى طه عبد الرحمن في سؤال الأخلاق إلى الاستعارات التي نحيا بها للايكوف وجونسون إلى جارات أبي موسى وهي رواية لأحمد توفيق وزير الأوقاف المغربي.
– الأديبة نجمة حبيب: أتمنى لو كان في استطاعتي أن أقرأ 24 ساعة في اليوم. عندي شهوة لقراءة كل ما يقع تحت سمعي وبصري ولكن ظروف العمل والصحة والالتزامات العائلية تقيد هذه الشهوة. وفوق رفوف مكتبتي كتاب يغمز لي منذ حوالي السنتين وأنا أتجاهل إغراءاته. سؤالك هذا دفعني إلى أن أكمل بسرعة ديوانا شعريا جاءني من الشاعر العراقي الاسترالي أديب كمال الدين كمال وأبدا به. هذا الكتاب هو : "صناعة الهولوكست" للكاتب الاميركي اليهودي "نورمان فنكلستين". من ناحية أخرى أنتظر قيام المعرض العربي للكتاب الذي سيقام قريبا في سدني، ففي جعبتي قائمة طويلة من الكتب التي صدرت حديثأ في الوطن العربي أود الاضطلاع عليها
– الشاعر كمال اليماني: بمناسبة شهر رمضان فأنا أقرأ الان كتاب (( مدارج السالكين )) للإمام (( إبن القّيم الجوزيه ))
– الأديبة ياسمينة صالح : رواية شفرة دافنشي.
–
– ألديك كتب تحت الطباعة؟
– الدكتور أحمد الخميسي: نعم . هناك مجموعة قصصية ، وكتاب مترجم عن الروسية باسم الانتلجنسيا المصرية .
– الدكتورة ماجدة الحمود: نعم "رحلة في جماليات رواية أمريكا اللاتينية"
– الدكتور إدريس مقبول: - كتاب تم التعاقد فيه مع عالم الكتب الحديث بالأردن تحت عنوان"لغويات سيبويه:دراسة في الأصول الابستمولوجية والتداولية"، وكتاب آخر هو عبارة عن مجموعة مقالات تحت عنوان"في تفكيك النص الآخر:عناصر الفهم ومعيقات التواصل" سينشر بحول الله ضمن منشورات الزمن قريبا.
– الأديبة نجمة حبيب:بل كتاب قيد التأليف وهو مجموعة قصصية باللغة الانكليزية هذه المرة. فأنا خارجة لتوي من كتاب أرهقني العمل الجاد فيه على مدى أربع سنوات هو "من أستراليا وجوه أدبية معاصرة" والذهن بحاجة الى إجازة مما يرهقه
– الشاعر كمال اليماني: لا يوجد
– الأديبة ياسمينة صالح : نعم
– هل تسمعون الموسيقى؟ وهل تحبون قراءة قصة أو كتاب مع صوت الموسيقى أم تحبون الهدوء التام؟
– الدكتور أحمد الخميسي: نعم أنا أسمع الموسيقى من صغري ، الكلاسيك أولا ، وأعيد سماعها بانتظام ، وقد عرفني إلي هذا العالم الرحب أبي الشاعر عبد الرحمن الخميسي ، الذي اصطحبني لأول مرة في حياتي إلي دار الأوبرا لحضور عرض " العشرة الطيبة " لسيد درويش ، فبهرتني الألوان والأنغام في سن مبكرة ، ولم تفارقني ، وجعلتني فيما بعد أفتش عن أنغامنا الشرقية جنبا إلي جنب مع الموسيقى الكلاسيك . لكنني لا أستطيع سماع الموسيقى مع القراءة ، فالقراءة مثل الكتابة تحتاج إلي صمت وهدوء كامل .
– الدكتورة ماجدة الحمود: أحب القراءة مع صوت الموسيقى
– الدكتور إدريس مقبول: القراءة تحتاج عندي لبعض الهدوء حتى يتيسر لي التركيز اللازم، ولا أستطيع القراءة وسط الضجيج. أما إذا كانت موسيقى صامتة من غير غناء وهادئة فلا بأس بها.
– الأديبة نجمة حبيب: يقولون المال والبنون زينة الحياة الدنيا. أما زينة دنياي فهو الكتاب واللحن. ليس اللحن المصنع (الموسيقى) فقط، بل اللحن الطبيعي: زقزقة العصفور حفيف أوراق الشجر، طنين النحلة، تصايح صغار الجيران في لهوهم، وحتى دقات القطار الرتيبة. كل ما به إيقاع يمتعني. أما ان أجمع بين الموسيقى والقراءة فهذا ما لا أستطيعه في كل القراءات. فقد استمع الى الموسيقى وانا أقرأ الجريدة او الرواية الخفيفة التي لا تحتاج الى استنفار كل الحواس. أما عند قراءة كتاب جاد او نقد ادبي فيجب عندها ان انحي الموسيقى جانبا لأن ما فيها من امتاع يشتت الانتباه. فأنا أنتشي وانا اسمع عبد الوهاب وفيروز مثلاً وأرى أنه حرام عليّ أن أعبث بهذا الانتشاء بمقاسمته مع انتشاء آخر مهما كان عزيزاً
– الشاعر كمال اليماني: حسب الظروف
– الأديبة ياسمينة صالح : أفعل ذلك أحيانا , ولكني أفضل الهدوء التام عند القراءة .
– أيهما تفضل أن تقرأ القصيدة أم تسمعها بصوت آخر؟
– الدكتور أحمد الخميسي: أفضل قراءة القصيدة لنفسي ، لكن إذا كان هناك شاعر له قدرة على الإلقاء الجيد ، فيسعدني سماعها منه . لكن معظم شعرائنا لا يحسنون إلقاء القصائد .
– الدكتورة ماجدة الحمود: أفضل أن أسمعها بصوت يتقن الإلقاء
– الدكتور إدريس مقبول: لو كان القارئ شاعرا مجيدا معبرا كان أحسن. وإلا فالقراءة أولى. لأنه ليس كل الشعراء يجيد قراءة الشعر، فمنهم من ينثره نثر الدقل.
– الأديبة نجمة حبيب: تأسرني الكلمة المكتوبة. حتى عندما اشاهد التلفزيون يلهيني الشريط المكتوب عن سماع المذيع/ة. لذلك تراني أحب الشعر مكتوباً أكثر الف مرة منه مسموعاً. إللهم إلا اذا كان عامياً، من نوع الزجل مثلاً ً. هذه الانواع من الاشعار قراءتها مرهقة حد التوتر وهي برأي لا تصلح للقراءة مطلقا.
– الشاعر كمال اليماني: هذا يتوقف على أداء من سيقرأ القصيدة ، فإن أحسن القراءة فضّلت سماعها ، وإن أساء فضّلت حينها قراءتها بنفسي .
– الأديبة ياسمينة صالح : المهم أن تكون قصيدة.
– هل يشجعك الأهل ويوفرون لك الهدوء لكي تكتبي وتبدعي؟
– الدكتور أحمد الخميسي: شجعني الأهل فيما مضى وأنا صغير ، وكانت أمي تعطيني خمسة قروش عن كل قصة أكتبها . الآن ، لم يعد أحد يشجعني سواي ، أما الهدوء اللازم للعمل فقد أصبح حقا منتزعا لي ، ومنطقة محررة بفضل مقاومتي المستمرة .
– الدكتورة ماجدة الحمود: أحاول أن أخلق جوا هادئا في البيت
– الدكتور إدريس مقبول: لولا مساعدتهم لكنت أوثر خارج الدار عن داخلها، ولكنه معروف عني لزومي للبيت خاصة ساعة القراءة، لا أستطيع القراءة في مقهى مثلا أو مكان عام.
– الأديبة نجمة حبيب: أنا أم عربية بامتياز عائلتي وبيتي يأتيان أولاً. علمتني أمي وجدتي وكتب صلاتي أنه ليس من حقي أن اتلهى بأي شيء عنهم. ولولا تشجيع زوجي وتأكيده لي دائما أنني في التهائي بالكتابة لا اخون واجباتي كأم وزوجة لما كنت نشرت حرفا. اليوم وقد اتممت واجباتي تجاه أبنائي وتقلصت مسؤولياتي العائلية التفت بعمق لكتاباتي وقراءاتي.
– الشاعر كمال اليماني: هم يفعلون ذلك حباً فيّ ، لا رغبة منهم في توفير جو ٍ للأبداع .
– الأديبة ياسمينة صالح : ربما في السابق، كان الأمر عاديا و لكن الآن، للكتابة طقوسها أيضا و لا شك أن الأهل يفعلون ما بوسعهم لتوفير جوا يشجع على الكتابة.
– ماذا تحب أن تكون ابنتك أو ابنك؟ نسخة عنك أم تتركهم يختارون دون تدخل منك؟ ألا تحلم على الأقل أن يصبحوا مثلك؟
– الأديبة ياسمينة صالح : أريد أن يكون لجيل آخر فرصته في الحياة أفضل منا. ألا يكون أحد رهينة صندوق النقد الدولي و لا رهينة الغول الأمريكي، و لا رهينة المخابرات المحلية. أن يشبهني ابني أو لا يشبهني تلك إشكالية لا أطرحها باعتبار أنني أريد أن يكون أفضل مني و أن يجد وطنا يسكنه و لا يجد وطنا في المزاد العلني !
– الدكتور أحمد الخميسي: أحب أن يكون ابني سعيدا و ابنتي كذلك ، هذه هي رغبتي الأساسية . إما أن يكونوا نسخة مني فلا أحب ذلك ، لأنني أعتقد أن أحدا لا يكرر الآخر ، هذا مستحيل . لكن أحب أن تكون هناك خيوط ممتدة من روحي في أرواحهم ، أحب أن يتعلموا ما علمني إياه أبي أن الكرامة هي حجر الزاوية في كل شئ : في الكتابة وفي الحياة وفي الفن وفي السياسة .
– الدكتور إدريس مقبول: ليس لدي إلى الآن أولاد، لكن لدي زوجة هي كل حياتي، وهي مصدر إلهامي، لكن إن وجدوا بإذن الله سأحرص ألا أتدخل إلا فيما أرى أنه يتهددهم ماديا أو معنويا أما الحياة فتتطلب تعويدهم على الاختيار وتحمل المسؤولية.
– الأديبة نجمة حبيب: ما من خيار لي في هذا المجال. ابناؤنا هم أبناء الحياة. فانا لم أشأ، وحتى لو شئت فلا أستطيع. هذا جيل يؤمن بتفرده ويصر على خياراته. صحيح ان إحدى بناتي اختارت الادب طريقاً وكتبت أول عمل روائي وهي دون العشرين، ولكن هذا لم يكن بتدخل مني بل بموهبة فطرية وباختيارها البحت. كل ما فعلته انني كنت أقرأ ما تكتب منذ أن كانت صغيرة وأشجعها (بالمناسبة هي كتبت قصيدة أثناء الانتفاضة الاولى سمتها طفلة في الحصار وكان عمرها ست سنوات فقط )
– هل تناقش أولادك في ما تكتبه، أم تكتب لغيرهم؟
– الأديبة نجمة حبيب: هي ابنتي الصغرى والوحيدة من بين الاربعة التي أقضي معها الساعات نتحاور ولا نرتوي. الباقون يقتصر النقاش معهم على الملاحظة العابرة، إبداء الموافقة أو عدمها دون الغوص بالتفاصيل. اما مع "سمر" فالامر مختلف. كانت قبل عدة سنوات تجد صعوبة في قراءة العربية وكانت تأتي بالصحيفة العربية وتصر عليّ أن أقرأ لها زاويتي الاسبوعية. وبعد أن تحسنت لغتها العربية صارت تقرأ لتنتقد وتناقش ولطالما احتد نقاشنا فوصل حد الصدام بسبب ما بيننا من فارق عمر وثقافة. وأصدقك القول أنها غيرت الكثير من ثوابتي، فأنا في حواري معها إنما أحاور جيلا بأكمله وثقافة تقف على الطرف الاخر من ثقافتي. اعتقد انها هي بدورها استفادت من ارثي وأضافته الى مخزونها الابداعي، وإلا كيف افسر إقبالها على بعض نصوصي فتترجمها الى الانكليزية لتنشرها في دوريتها الاكاديمية "نوبلا ماغازين"
– الدكتور أحمد الخميسي: أناقش ابنتي الكبيرة هانيا ، وأستمع لرأيها باهتمام . ولكني حين أكتب أكتب لقارئ مجهول ، أحبه ، وأتصور أنه يبادلني الاحترام والاعزاز ، وأكتب له دائما ، بأمل أن أراه يوما .
– الأديبة ياسمينة صالح : أحيانا تحدث مناقشة أسرية.
– لو عادت لك الحياة من جديد، هل كنت ستختار نفس الطريق؟ وهل أنت راض عما وصلت إليه؟
– الدكتور أحمد الخميسي: - أنا لا أريد للحياة أن تعود من جديد ، لقد عشت حياتي ، وألفتها ، وأحببتها بحيث أنني لا أرضى الآن أن تعود جديدة ، ومجهولة لي ، ومليئة بالاحتمالات غير المعروفة . ربما إذا حدثت تلك المعجزة لاخترت نفس الطريق ، لكن بتعديلات هامة على الدرب نفسه . بحيث تكون حياتي الحالية بروفة قابلة للتعديل في طبعة أخرى . وفي كل الأحوال فإنني أعزي نفسي عند الإخفاق بأنني أعيش الحياة للمرة الأولى ، ولم يسبق لي أن عشتها . لا يمكن لأحد أن يكون راضيا عما وصل إليه . عموما في الإنسان طموح لتجاوز ما بلغه . أما إن كنت قد حققت طموحاتي أو بعضها ، فلا أظن . كان طموحي الأول والأخير أن أعطي الأدب كل ، أو أغلب حياتي ، لكنني لم افعل ، وإلي الآن مازلت لا أستطيع الابتعاد عن المشاكل كلما ظهرت ، والاندفاع للمشاركة في هذا العمل أو ذاك ، بينما ينبغي فقط أن أكتب الأدب . وإذا كنت راضيا عن شئ فهو أنني عشت شريفا ، لم أمدح موظفا كبيرا ، أو رئيسا ، أو حاكما ، ولم أستخدم قلمي أبدا إلا فيما أعتقد أنه حق ، وظللت طيلة عمري أرى كل شئ من وجهة نظر الناس .
– الدكتورة ماجدة الحمود: أنا مقتنعة بهذا الطريق الذي اخترته، لا أعتقد أن هناك أجمل من طريق المعرفة في الحياة والعطاء المعرفي! - لست راضية تمام الرضى عما كتبت أحس بأنني بحاجة إلى التطور الدائم، لأقدم الأفضل والأجمل للقراء
– الدكتور إدريس مقبول: إن كان الرضى دافعا للكسل والقعود فلا، وإن كان قناعة بما بلغه الجهد مع إياس مما في أيدي الناس فنعم. وأنا أومن بقول الشاعر:
العبد حر ما قنع والحر عبد ما طمع
– الأديبة نجمة حبيب: غلطتي الكبرى أنني نظرت الى مشروعي الكتابي على انه ترف. لذلك أجلّته حتى اتمام الواجب. . . لو عدت الى الوراء لكنت نظرت الى هذا المشروع على أنه واجب لا يقل أهمية عن واجب الامومة والزوجية.
ولما كنت ضعفت أمام الضغوط النفسية التي مورست عليّ وعلى ابناء شعبي بعد حرب ال82 ودفعتني للهجرة إلى أستراليا. أنا أعاني كثيراً بسبب هذه الهجرة. أحس معها بالذنب. أحس أنني نفذت خطة الترانسفير التي يريدها لنا العدو (رغم أن من دفعني اليها هو الشقيق. حرب المخيمات على وجه التحديد) هذه الهجرة نقطة ضعف وجبانة في حياتي رغم كل ما حققته لي من مكتسبات شخصية. بالاضافة الى أنني على المستوى الابداعي أحس بأنني أتصحر لابتعادي عن بيئتي ومحيطي الطبيعيين. فمهما كان الخيال محلقاً ومهما كانت الاحاسيس مرهفة لا بد لها من واقع تغرف منه أو على الاقل تتكئ عليه.
– الشاعر كمال اليماني: ربما أكون قد حققت بعض طموحي ، وإن كان هذا قد جاء متأخرا جداً ، ولكني على أية حال لست راض ٍ تمام الرضى عما وصلت إليه .
– الأديبة ياسمينة صالح : لو عادت بي الحياة من جديد؟ ستعيد معها نفس الانكسارات و الخيبات. لهذا لا مجال لعودتها كونها ستعود بما كانت عليه من قبل و وقتها سأفعل الشيء نفسه بالأخطاء الإنسانية ذاتها أي ممارسة الكتابة !
25 هل أنت راض عما وصلت إليه؟ هل حققت بعض طموحك؟
الكتابة تبقى عندي الطموح الأجمل.
– سيرتك الذاتية، ليتعرف عليها القراء إذا سمحت؟
– الدكتور أحمد الخميسي: السيرة الذاتية للدكتور أحمد الخميسي
– الدكتورة ماجدة الحمود: السيرة الذاتية للدكتورة ماجدة الحمود
– الدكتور إدريس مقبول: من مواليد مدينة فاس بالمملكة المغربية عام 1975.من أصول أمازيغية، متزوج ، مشتغل بالتعليم ، حاصل على الدكتوراه في اللسانيات العامة واللسانيات العربية من كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة محمد بن عبد الله بفاس.
التخصص الجامعي باللسانيات العربية واللسانيات العامة
– الأديبة نجمة حبيب: السيرة الذاتية للكاتبة نجمة حبيب انقر هنا
– الشاعر كمال اليماني: من مواليد مدينة البريقة في محافظة عدن
الجمهورية اليمنية
في 25/نوفمبر /1958م
دبلوم المعهد العالي للعلوم الصحية/ شعبة تمريض للأعوام 87/84م
أكتب الأشعار وأنشرها هنا وهناك ، لكنها لم تصدر مجموعة ً في كتاب
إلى جانب بعض القصص والمقالات الأدبية .
– الأديبة ياسمينة صالح : من مواليد 1969 في الجزائر العاصمة. من أسرة ثورية مناضلة والدي احد المجاهدين إبان الثورة، عمي شهيد من شهداء الثورة التحريرية الجزائرية.
خريجة كلية علم النفس من جامعة الجزائر.
أصدر ونشرت الكتب التالية: 1/ بحر الصمت. 2/ أحزان امرأة من برج الميزان. 3/ وطن من كلام. 4/ حين نلتقي غرباء. 5/وطن من زجاج رواية
– كلمتك الأخيرة للكتاب والمفكرين، والأدباء العرب
– الدكتور أحمد الخميسي: - أتذكر هنا قول الكاتب الروسي العظيم " نيكراسوف " : " لست ملزما بأن تكون شاعرا عظيما ، لكنك ملزم بأن تكون مواطنا عظيما" . الموهبة والقدرة الإبداعية تختلف من كاتب لآخر ، وتختلف أيضا المدارس الأدبية ، لكن ما يجمعنا هو الوطن ، وأننا مواطنون ، ملزمون بالدفاع عن قضايا بلادنا . فلتكن هذه الرابطة أقوي من أي شئ ، لنتمكن من القيام بدورنا كمواطنين يمارسون عملا خاصا أي الكتابة . وعلينا في هذا السياق أن نعيد لثقافة المقاومة وجهها ، المقاومة بمعناها الأرحب الأدبي والسياسي ، فكل نص يقف ضد القبح هو نص مقاوم ، وكل نص يعادي الاستعمار والاستغلال هو نص مقاوم .
– الدكتورة ماجدة الحمود: التحديات التي تواجهنا كبيرة على صعيد المعرفة، وعلى صعيد البقاء أو الزوال كالهنود الحمر، آمل أن نبذل جهدنا لصنع روحا جديدة قادرة على المشاركة في المعرفة والحوار مع الآخر ومواجهة الأعداء.
– الدكتور إدريس مقبول: لست أهلا في هذا المقام لأن أوجه نصائح لأحد، غير انني أقول بأن المثقف ينبغي أن يستشعر مسؤولية تاريخية خاصة تجعله يفكر لا في نفسه فحسب بل في من يعولهم بفكره ونظراته وآرائه، المثقف كائن نوعي ينبغي أن يستحضر أنه قائد للعقول، إنه فاعل اجتماعي يؤثر في محيطه ومجتمعه وفي العالم بما يبتكره ويبتدعه من مساحات فكرية تسهم في عقلنة الحياة ومحاربة سلطان الجهل والاستبداد.
– الأديبة نجمة حبيب: بارك الله شخصاً عرف قدر نفسه فوقف عنده. من أنا حتى أتقدم بكلمة (ناصحة على ما يوحي به سؤالك) للكتاب والمفكرين العرب؟ يكفيني فخراً أن يقبلوني لبنة متواضعة في صرحهم
– الشاعر كمال اليماني: لست مؤهلا لأن أقول كلمة كهذه ، ليس تواضعا ً مني، ولكن لعلمي أن هناك الكثير ممن لهم الحق في أن يقولوا كلماتهم قبلي ، عليّ إذن أن أنتظر دوري ، وأعلم أنه لن يكون قريبا ً .
– الأديبة ياسمينة صالح : • أتمنى أن نؤسس دولة الأدباء الموحدين.
لقراءة القسم الثالث من الحوار انقر على الرابط أدناه
التاريخ | الاسم | مواقع النسيج | مشاركة |