اخرجوا من إحباطكم
الخميس ١٧ حزيران (يونيو) ٢٠٠٤
بقلم عادل سالم

وصلني بالبريد الالكتروني رسالة من صديقة تشعر بالإحباط مما يجري حولها، وبدلا من الرد عليها مباشرة كان هذا الموضوع لما لهذا الشعور ـ شعور الإحباط ـ من أهمية .

عزيزتي الغالية

كثيرا ما تساءلت وأنا أقرأ رسائل الأصدقاء او المعارف او القراء المحبطين في هذا الزمن الصعب ، ما هي الدوافع التي تصيب الانسان بالاحباط ؟؟

تساءلت باحثا عن إجابة تقنعني قبل أن تقنعهم، ذلك أنني واحد من الذين أصيبوا كثيرا بالإحباط وضاقت بهم السبل حتى وكأن الدنيا أظلمت وما عادت الشمس تشرق كل صباح .

نعم تساءلت كثيرا وأنا أبحث ذات اليمين وذات اليسار وأطيل النظر إلى الأمام ثم أعود لأتأمل الخلف، حتى قادني تساؤلي إلى نتيجة واحدة وهي أن الانسان المصاب بالإحباط، أو بشكل أدق الذي يشعر بالإحباط، إنما يصل إلى ذلك الشعور لأنه ينظر للحياة باتجاه واحد تماما، كمن يسير في شارع باتجاه واحد لا يستطيع العودة منه مرة إخرى إلا إذا قرر أن يقاوم كل من يسير خلفه. وإذا ما فشل هذا الانسان في تجربة ما في حياته، أو فقد عزيزا عليه أو تخلى عنه أصدقاؤه، ينهار بسرعة ويشعر بعدم جدوى الحياة، فينعزل عن الناس لفترة قد تكون قصيرة أو طويلة، بل إن بعضهم يصاب بالاكتئاب ويكفر بكل القيم الإنسانية ثم يفقد ثقته بكل من حوله حتى أكثر الناس قربا ومحبة له .

المحبطون في هذه الحياة كثيرون ـ فهموم الدنيا كثيرة ـ وهم مهددون إن لم يتخلصوا من إحباطهم أن يخسروا كل شيئ تبقى لهم في هذه الحياة. وبما أن الأيام تمر بسرعة ويفنى العمر فإن الإنسان وخصوصا الذي يشعر بالإحباط مطالب بالخروج من إحباطه والخروج من يأسه حتى لا يقوده إحباطه ويأسه إلى الهاوية .

ولكي يتخلص الانسان من شعوره بالإحباط عليه أن يخرج من المسلك الذي وضع نفسه فيه ليسير في كل الاتجاهات باحثا عن أفضل الطرق التي تجلب السعادة له، أو التي توصله إلى هدفه بأمان .

عزيزتي الغالية

نعم قد يفشل الإنسان في مباراة رياضية أمام خصم أمهر منه لكنه ينجح بتفوق أكبر في دراسته ويكون مثار إعجاب زملائه .

وقد يرسب طالب في الامتحانات ولا يوفق في المدرسة لكن الامتحان الحقيقي هو امتحان الحياة الذي قد ينجح فيه إنسان واحد ويتفوق على آلاف الطلاب المتفوقين في دراستهم. ولو فشل طالب في أن يكون طبيبا أو مهندسا أو مبرمجا للكمبيوتر ـ الحاسوب الشخصي ـ فقد ينجح في العزف على آلة موسيقية ويبدع لحنا رائعا يجذب فيه العشاق وقلوب العذارى .

واذا فشل مهندس في تصميم بناء كبير فقد ينجح في إبداع أجمل قصيدة شعرية خالدة .

مجالات الحياة كثيرة ومتعددة وليس بالضرورة إن فشل الإنسان في تجربة واحدة أن يعتبرها نهاية الحياة، إذ عليه ليس فقط أن يعيد التجربة بل أن يبحث عن ذاته في إطار جديد .

قد يخسر الإنسان أصدقاءه ويتخلون عنه لأن ظروفهم تغيرت، أو لأي سبب كان، وربما يشعر الإنسان حينها أن لا أحد جدير بالثقة مع أن في مكان قريب منه إناسا يحبونه وهو لا يشعر بمحبتهم .

عزيزتي

قد تبكي امراة حظها وتندب صبية بختها لأن فارس أحلامها لم يأت بعد، وربما تشعر فتاة بالإحباط لأنها خسرت حبيبها وأن لا أحد يحبها، في الوقت الذي يكون فيه شاب على الطرف الآخر يتمنى لو أتيحت له الظروف للتحدث معها والبوح بحبه لها .

لا تقولي لي يا عزيزتي إن الانسان قد يفشل بكل شيئ في الحياة، لأني ساقول لك حينها، قد يكسب الإنسان الآخرة وهي خير وابقى، أتقولين أن الإنسان قد يخسر الدنيا والاخرة، فقد يكسب رحمة الله " ولا تقنطوا من رحمة الله "، والآن لن تستطيعي أن تسأليني ماذا عن الذي لا رحمه له ذلك أن رحمته سبحانه وتعالى لا سلطان لأحد عليها، ولا يعرف الغيب سواه . من يدري فقد يغفر الله لإنسان ذنوبه لانه زار مريضا او تصدق على فقير محتاج أو عزف لحنا يطرب له قلوب حزينة أو ابتسم في وجه طفل وأدخل السعادة إلى قلبه .

التوقيعات: 0
التاريخ الاسم مواقع النسيج مشاركة