وأخيرا لم يحالف الحظ حركة فتح رغم الدعم العلني المباشر الذي حظيت به من أطراف دولية وعلى رأسها الولايات المتحدة وإسرائيل بما فيها المساعدات المالية التي نفت الحركة استلامها.
فالتهديدات التي أطلقتها الإدارة الأمريكية بأنها لن تتعامل مع حكومة تضم حركة حماس وتهديد إسرائيل بأنها لن تتفاوض مع حكومة فلسطينية تكون حماس طرفا فيها، لم تنجح في دفع الشعب الفلسطيني عدم التصويت لحركة حماس التي رفعت شعار محاربة الفساد والإصلاح واعتماد نهج المقاومة. الدعم الإسرائيلي كان واضحا من خلال السماح للجزيرة والعربية لأول مرة في تاريخ إسرائيل بإجراء حوار متلفز مع الأسير الفلسطيني مروان البرغوثي في سجنه الإسرائيلي وملاحقة أعضاء حركة حماس في القدس ومنعهم من الالتقاء بالمواطنين المقدسيين واعتقالهم والاعتداء عليهم فيما كان المحسوبون على فتح يصولون ويجولون في الضفة والقطاع.
رغم كل هذا فازت حركة حماس بإغلبية المقاعد وأصبح من حقها تشكيل حكومة فلسطينية جديدة بديلة لحكومة الفساد والانحراف التي شكلتها في الماضي حركة فتح وضمت فيها أبرز رموز الفساد والانحراف في السلطة الفلسطينية مما أدى إلى تراجع أداء السلطة وتعريض مكتسبات الشعب الفلسطيني للخطر.
فوز حماس الكاسح ليس نهاية المطاف بل هو نقطة البداية لتجسيد محاربة الفساد على أرض الواقع والبدء بتنفيذه بعد أن ظل شعارا يرفعه الجميع دون أن يجد من يطبقه. فهل تنجح حركة حماس فيما فشلت فيه حركة فتح؟!
حركة حماس بنجاحها الباهر وضعت قدمها على أول الطريق لكنها تدرك تماما إنها أمام امتحان عسير لأن الكل يتربص بها ليس فقط حركة فتح بل وإسرائيل والمجتمع الدولي وأولهم الولايات المتحدة الأمريكية ومعظم الحكومات العربية لهذا عليها أن تعي كيف تمسك زمام القيادة وكيف تغير نظرة الجميع لها وتكون أهلا لحمل المسؤولية وسيكون شعبنا كل شعبنا معها.
نحن إذ نهنئ شعبنا الفلسطيني بانتخاب حركة حماس ليضع نجاحها حداً لنهج الفساد في السلطة الفلسطينية ندعوها مخلصين لما يلي.
– أن تعمل حركة حماس على الفور على تشكيل حكومة إنقاذ وطني تضم كل القوى الوطنية وأفضل العناصر الكفؤة والمخلصة غير المنغمسة في الفساد لأن الشعب الفلسطين أمام عدو شرس لا مجال لهزيمته بتفرد حركة أو طرف في قيادة الشعب الفلسطيني.
– أن تبدأ على الفور بتشكيل لجنة محاكمة الفاسدين الذين أثروا من نهب الشعب الفلسطيني وعلى رأسهم محمد دحلان وجبريل الرجوب وغيرهم الكثير وأن يكون شعار اللجنة من أين لك هذا. وأن تقدمهم للعدالة.
– أن تلتزم الحركة بالموقف الجماعي الوطني فيما يخص المقاومة ضد إسرائيل وأن تتوقف عن اتخاذ القرارات الفردية في هذا المجال. إن سنوات الفساد الماضية دفعت الكثير من أبناء شعبنا حتى غير المؤيدين لخط حماس السياسي لتأييد حركة حماس لعلها تنجز ما لم تنجزه حركة فتح وعلى رأسها محاربة الفساد والمحسوبية .
على حركة فتح التعلم من العبر
آن الأوان لمحاكمة الفاسدين الفتحاويين
عدم فوز حركة فتح بأغلبية المقاعد لا يعني أن الحركة أصبحت خارج العملية السياسية، فحسب النتائج ستكون حركة فتح هي الطرف الثاني وستشكل حركة معارضة قوية يمكن لها أن تشكل صمام أمان وتضع حماس أمام أمر واحد لا مفر منه وهو تشكيل حكومة إنقاذ وطني لخدمة الشعب الفلسطيني مع أن فتح نفسها لم تشكل مثل تلك الحكومة في السنوات الماضية.
حركة فتح بعد هزيمتها غير المتوقعة أمام حركة حماس بدأت تتخبط وتطلق التصريحات المتسرعة والمتشنجة والتي تدل إنها لم تستوعب الدرس بعد، حيث جاء على لسان العديد من مسؤوليها وعلى رأسهم صائب عريقات ودحلان ومشهراوي وآخرون أنها لن تشارك في أية حكومة فلسطينية قادمة دون أن تدرس تأثير مثل تلك التصريحات على شعبيتها ودون أن تجتمع قيادتها لتقرر بشكل مدروس صحة هذه التصريحات البالونية والبهلوانية التي تدل على قصر نظر وردة فعل سلبية.
تصريح زياد أبو عين أحد مسؤولي حركة فتح لوسائل الإعلام والذي وقال فيه: " إن أكبر جريمة يمكن أن ترتكبها فتح هي أن تشارك في حكومة وحدة وطنية مع حماس" يدل على غباء هذا المسؤول وعدم الحرص على مصلحة الشعب الفلسطيني وهو من الذين على فتح التخلص منهم.
رفض حركة فتح المشاركة في الانتخابات يدل بشكل قاطع عدم استعداد الحركة التخلص من نهج التفرد والفساد والاستئثار بالسلطة دون وضع مصلحة الشعب الفلسطيني فوق أي مصلحة فئوية.
حركة فتح مطالبة بأن تتوقف عن إطلاق تصريحات تسيء لتاريخها الطويل وأن تتعلم من الانتخابات الحالية حتى لا تخسر ما تبقى لها من رصيد نضالي .
إن المطلوب من قادة حركة فتح أن تتخذ العبرة وتعلن إن كانت الأحرص على مصلحة الشعب الفلسطيني استعدادها التام المشاركة في أية حكومة وطنية تقوم على أسس وطنية وقواسم مشتركة بين الجميع.
ما المانع أن تشترك فتح في حكومة وحدة وطنية تقوم على أسس سياسية تلتقي مع حركة فتح؟
ما المانع من مشاركة فتح في حكومة وحدة وطنية تحارب نهج الفساد؟ ألم يدعو مروان البرغوثي من سجنه القوى الوطنية جميعها للعمل معا من أجل مصلحة القضية؟
إن الموقف السليم الذي على حركة فتح اتخاذه استعدادها المبدئي المشاركة بحكومة تترأسها حركة حماس بعد أن ترى الأهداف السياسية التي ستعرضها حركة حماس.
لماذا لا يتعلم زياد أبو عين وشعث وعريقات وكافة مسؤولي فتح الفؤيين من قادة عدونا الصهاينة الذين يتحالفون معا من أجل مصلحة إسرائيل، وذبح الشعب الفلسطيني فيما هم يتبارون في رفضهم المشاركة في حكومة برئاسة حماس ؟؟
يريدون لحماس أن تفشل متوهمين أن فشلها نجاح لهم مع أن عليهم أن يعوا أن نجاحهم يكون بتخليص الحركة من فاسديها ومرتشيها وأذناب الاحتلال في صفوفها.
على حركة فتح أن تعترف ليس بهزيمتها فقط، لكن عليها أن تعترف أن سبب تراجعها هو الفساد المعشعش في صفوفها والذي تهاونت وتهاونت في محاربته حتى لم نسمع فاسداً واحداً تمت محاكمته.
– ألم يسمع قادة حركة فتح بالفاسدين في صفوف حركتهم؟
- ألم يسمعوا بالعناصر المسلحة التي كانت تخطف وتقتل لاعتبارات شخصية دون أن يتم محاكمتها؟
– ألم يسمعوا بالإسمنت المصري الذي تم بيعه للشركات الإسرائيلية عن طريق وكلاء من المجلس التشريعي؟
– ألم يسمعوا بشركة قريع التي باعت الإسمنت للمستوطنين ؟
– ألم يسمعوا بفساد شعث وأولاده؟
– ألم يسمعوا بالملايين التي جناها الرجوب ومحمد دحلان وغيرهما فأين المحاسبات؟
أين المحاكمات للفساد والفاسدين؟
إن حركة تضم في صفوفها كل الفساد المعشعش في صفوف الشعب الفلسطيني تستحق ما جرى لها وأكثر من ذلك حتى تتعلم كيف تصون مكتسبات الشعب الفلسطيني وتكون فعلا صمام الأمان له لا صمام الفساد.
محمود عباس يدعو إلى القبول بإرادة الشعب الحرة
محمود عباس الذي لم يكن مرتاحا لنتائج الانتخابات إلا إنه عبر عن ديمقراطية عالية عندما أكد عبر الناطق الرسمي له السيد نبيل أبو ردينة تقبله لنتائج الانتخابات واحترامه لإرادة الشعب الفلسطيني، واستعداده للعمل مع أي حكومة قادمة، ودعا في بيان رسمي تلاه الناطق باسمه كل الأطراف إلى الالتزام بالقانون والقبول بإرادة الشعب الحر، وهو موقف يستحق التقدير عليه رغم ما لنا من ملاحظات على أداء الرئيس. وليت قادة فتح الآخرين يتصرفون بديمقراطية عالية ويراجعون مجالس الحركة قبل اتخاذ قرارات فردية وإطلاق تصريحات متسرعة ومتشنجة.
التاريخ | الاسم | مواقع النسيج | مشاركة |