الصفحة الرئيسيةظلال الياسمين
في حوار مع الدكتور بوشعيب الساوري:
هناك مد للثقافة الفرنسية في المغرب أكثر من الفترة الاستعمارية
السبت ١٥ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٧
بقلم عادل سالم

باحث، وناقد أدبي من المغرب، أكاديمي يحمل شهادة الدكتوراة في اللغة العربية، وأدابها، له العديد من الإسهامات في مجال النقد، والفكر، كاتب متمرس، يشارك في الحياة الثقافية المغربية بفعالية يشهد له فيها أهل الأدب، والثقافة، والفكر. مجدد في أفكاره، يرفض تقسيم الشعر العربي إلى شعر موزون، وآخر نثري، ويصر أن الشعر شعر مهما اختلفت الأشكال. كان لنا في ديوان العرب هذا الحوار مع الدكتور بوشعيب الساوري.

 [*تحاول فرنسا بكل امكانياتها اختراق الساحة الثقافية المغربية، لاستمالتها وتعزيز اللغة الفرنسية مكان العربية، وتقدم في سبيل ذلك ملايين الدولارات سنويا كتب أنها حوالي العشرة، هل هناك محاولات جادة لوقف الهيمنة الفرنسية، على المغرب ثقافيا أم هناك تجاوب مع الدعوات الفرنسية؟*]
 للأسف هناك مد للثقافة الفرنسية في المغرب أكثر من الفترة الاستعمارية في كل المجالات الإدارية والمعرفية، فهناك إرادة مغربية لسيادة هذه اللغة، فهناك سعي من عدد كبير من المغاربة على تعليم ابنائهم اللغة الفرنسية(على حساب اللغة العربية طبعا) بغض النظر عن محاولات فرنسا. ففي المغرب يعمل الكثير من المغاربة على ترسيخ الثقافة الفرنسية أكثر مما تسعى إلى ذلك فرنسا. فليس هناك في اي بلد في العالم مواطنون وعائلات تتكلم بلغة غير لغتها سوى في المغرب فتجد اسرا كثيرة في لغة حديثها اليومي سيادة اللغة الفرنسية. فالمغاربة يكرسون الثقافة الفرنسية أكثر من مساعي فرنسا.

 [*العلاقة بين الدول العربية الآسيوية والأفريقية، هل تطورت أم ما زال المغاربة يشعرون بغربة عن أشقائهم في الشرق؟ وهل ساهمت الفضائيات العربية في ردم الهوة بينهما؟ ما المطلوب لتعزيز التقارب بين الشعوب في الدول العربية؟*]
 لا يمكن القول ان هناك غربة. فقدحصل التقارب ولكن بسيادة ثقافتين متمايزتين هما ما استطاع هذا الكم الهائل من القنوات الفضائية المتخلفة انتاجه، وهما الثقافة الدينية المتطرفة التي تكرسها بعض القنوات، والثقافة الإباحية. ولها تأثير كبير على أوساط واسعة من الناس. فعلى الرغم من وجود قنوات جادة فهناك سيادة وسلطة. تكرس هذه القنوات العبث بالزمن وبالأموال وبالناس.

 [*حسب وجهة نظرك هل حققت الشبكة العنكبوتية الهدف في انتشار الثقافة؟ وهل استغلها العرب بشكل جيد أم لا زلنا نراوح مكاننا؟*]

 للأسف لم تحقق الشبكة العنكبوتية هدفها، ولم يستغلها العرب بشكل جيد، فعلى الرغم من الانتشار الكبير لهذه الشبكة فإن الثقافة ما تزال متعثرة وذلك راجع لعدة اسباب نذكر منها:

  1. غياب القراءة حتى عند المثقفين المدمنين على الشبكة، بل حتى المواضيع التي تنشر في موقعكم تنم عن عدم اطلاع أصحابها، ولا أدل على ذلك التعليقات إن وجدت تركز فقط على الإعجاب ولا تصل إلى النقد الجاد، وتبين في كثير من الأحيان على عدم القراءة.
  2. عدم الاستغلال الجيد للشبكة؛ فهناك بعض المحسوبين على الثقافة من يعمل على استنساخ مقالات ودراسات غيره دون حياء.
  3. ساعدت على تسريع النشر الذي أثر بشكل كبير على جودة الاعمال المنشورة، فهناك الكثير من الكتاب الذين يكتبون في أي شيء حتى في الطبخ لا يحترمون تخصصاتهم المعرفية (وهم كثر ومنهم من ينشر في موقع ديوان العرب) المهم بالنسبة لهم هو الحضور الدائم.
    أما بالنسبة لما حققته الشبكة من إيجابيات فتتمثل في التعريف بالكتاب وبمنتجاتهم وتسهيل التواصل بينهم.

  [*رأيك في شعر النثر، هل هو في طريقه للقمة، أم إلى القاع؟ وما رأيك في آلاف النصوص التي يدعي كل منها انه شاعر نثري؟*]
 أرفض هذه التسمية فالشعر شعر كيف ما كان القالب الذي يظهر فيه فهناك الكثير من القصائد الموزونة ولا علاقة لها بالشعر سوى التسمية. بخصوص ما ينشر من "شعر" فأغلب ما ينشر لا علاقة له بالشعر. والسبب في نظري راجع إلى الوهم الذي يحمله الكثير من أدعياء الثقافة وهو أن الشعر يمكن أن يكتبه أي كان لأنه لا يتطلب نفسا كبيرا، فكل من كتب قصيدة يدعي أنه شاعر. في حين نجد جنسا تعبيريا هو الرواية يصعب التطاول عليه على الرغم من كونه "نثريا" فإذا ما اقدم أحدهم على كتابة نص واحد فلا يقدر على كتابة الثاني.

 [*لماذا يهتم الشعراء الشبان في العصر الحالي بالمهرجانات والجوائز غير العربية أكثر من اهتمامهم في انتشار إبداعاتهم لدى أبناء وطنهم؟ هل أصبح هم الشاعر حضور مهرجان أدبي يدعى إليه؟*]
 الجواب عن هذا السؤال يرتبط بسابقه فوضع الشعر مرتبط باصحابه فهشاشة شعريتهم تدفعهم إلى الجري وراء الجوائز.

 [*بدأت تنتشر حديثا القصص القصيرة جدا، هل تستهويك تلك القصص؟ هل تحقق الرواج المطلوب؟ أم ستبقى قليلة الانتشار؟*]
 ما قلته عن الشعر ينطبق على القصة القصة القصيرة فنجد الكثير من النصوص القصصية لكن ما هو غائب هو القصة القصيرة وذلك راجع لسبب بسيط هو أن هؤلاء الكتاب لا يقرؤون فإن سألت أحدهم عن قاص من قطره من جيل سابق عليه ما رأيك فيه؟ يقول لك ذلك ليس بقاص. وعندما تسأله كم من نص قرأت له؟ تجده لا يعرف حتى عناوين إصداراته.

 [*بمن تأثرت خلال مسيرتك الأدبية من الأدباء أو الشعراء؟*]
 إذا قلت لك إنني تأثرت بفلان او فلان سأكون مجحفا في حق المئات من الأدباء والشعراء والنقاد والدارسين الذين قرأت لهم، فإذا كان النص فسيفساء بلغة كريستيفا فالكاتب كذلك تخترق كتابته كل قراءاته. ولذلك فانا ممتن لكل من قرات لهم سواء كانوا كتابا كبارا أو صغارا.

  [*كيف ترى الوضع الثقافي العربي اليوم؟ وهل تتنبأ له بالتطور، أم أنه سيراوح مكانه؟*]
 نظرا للسيادة لمثل هذه القنوات المتخلفة التي تشكل الغذاء المعرفي لأكثر من 90 في المائة من العرب فالثقافة العربية مستمرة في التراجع إلى الأسوء، فالذي يجلس الساعات الطوال أمام تراقص التفاهات والتخلف فهل سيبقى له الوقت ليقرأ؟ للأسف فالوضع الثقافي العربي سيستمر في نزيفه وتراجعه.
  [*مهرجانات كثير تعقد خارج المغرب يتهم فيها المشرفون عليها أن الأمازيغ المغاربة يتعرضون لتهميش ثقافي، بصفتك مغربيا ما ردك على ذلك؟ إن كان صحيحا فمن المسؤول؟ وإن كان كاذبا فما أهداف المحرضين؟*]
 صحيح أن هناك تهميش لكن التهميش يطال فئات واسعة من المواطنين المغاربة بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية. لكن الإفراط في هذه الادعاءات قد يؤدي إلى إحياء النزعات العرقية والعنصرية، وهذا مطلب لا موقع له في عالمنا اليوم الذي يتجه نحو التكتل.

 [*بعض الشعراء أو الأدباء يتعرضون إلى هجوم حاد من بعض القراء نتيجة مواقفهم السياسية، كما هو الحال مع محمود درويش، هل نحاكم الإبداعات الأدبية من خلال الموقف السياسي للشاعر أو الأديب؟*]
 للأسف ما نسمعه بين الفينة والأخرى من نقاش بين المبدعين العرب، والذي لا يفرق بين الإبداع والمواقف السياسية، فالذي اود ان اقوله بهذا الصدد هو أن الإبداع يتجاوز الانتماءات السياسية الضيقة فالشاعر شاعر بغض النظر عن انتمائه السياسي أو مواقفه، فلا يجب الخلط، فمحمود درويش شاعر كبير شئنا أم أبينا. وإذا ما كان لنا رد فعل تجاه مواقفه السياسية فلا نجني على إبداعه الشعري الذي أمتع ويمتع الملايين في الوطن العربي.

 [*لو اتصلت بك مؤسسة أمريكية وقالت لك لقد رشحناك للفوز بجائزة أدبية قيمة، فما أول رد فعل لك على ذلك؟*]
  إذا كانوا قد قرأوا أعمالي وكانت أعمالي قد ترجمت إلى أكثر من لغة وكانت أعمالي تستحق، لم لا أقبل؟ أما إذا كانت كتبي لم تلق الرواج داخل الوطن العربي فبطبيعة الحال سأرفض، فالجائزة يجب أن تكون ناتجة عن قراءة أعمالي.

 [*كلمة أخيرة لقراء ديوان العرب؟ واقتراحاتك لطاقم التحرير؟*]

 أتمنى لقراء ديوان العرب المزيد من القراءة الجادة والإبداع الرصين. وأدعوهم إلى مزيد من التخصص فإن الانتقال من موضوع إلى آخر ومن تخصص إلى آخر يفقد الثقافة رصانتها وجديتها.

فكثير من قراء وكتاب ديوان العرب يكتبون في أي شيء من السياسة إلى الطبخ، فلا يمكن أن نتطور ثقافيا بهذا الشكل. وبالنسبة لطاقم تحرير ديوان العرب ومع احترامي له، المرجو مراجعة المواد التي تنشر فليس كل ما ينشر جادا فهناك الكثير من كتاب ديوان العرب يستنسخون مقالاتهم أو مقالات غيرهم ويجترونها. فليس المهم هو الحضور بل المهم هو الجدة والإضافات النوعية.


تعقيبك على الموضوع
في هذا القسم أيضاً